قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمَا تَفَرَّقُوا} أي: أهلُ الأديانِ في الدينِ بأن وَحَّدَ بعضٌ، وكَفَرَ بعضٌ، {إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ} بالتوحيدِ {بَغْيًا} من الكافرين، {بَيْنَهُمْ}].
{وَمَا تَفَرَّقُوا} يقولُ المُفسِّر: [أي: أهلُ الأديانِ] وهذا تفسيرٌ جيدٌ، وقد ذَكَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى في سورةِ البَيِّنَةِ قولَهُ:{وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ}[البَيِّنَةِ: ٤]، فهل نقولُ: إن هذه الآيةَ العامَّةَ، {وَمَا تَفَرَّقُوا} تُخَصَّصُ بآيةِ البيِّنةِ ويكونُ المرادُ: وما تَفَرَّقَ الذين أوتوا الكتابَ؟ أو نقولُ: هي عامَّةٌ {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} بعضٌ من الأفرادِ، وإذا ذُكِرَ بعضُ الأفرادِ بحكمٍ يطابقُ حكمَ العامِّ، فإنه لا يُعَدُّ مُخَصِّصًا؟ الجوابُ: الثاني. وهذه قاعدةٌ أصوليَّةٌ أنه إذا ذُكِرَ بعضُ أفرادِ العامِّ بحكمٍ يطابقُ العامَّ، فهذا ليس بتخصيصٍ.
مثالُهُ: قلتُ: أَكْرِمِ الطلبةَ، ثم قلتُ: أَكْرِمْ محمَّدًا وهو منهم، هل هذا يقتضي ألا تُكْرِمَ سواه؟ لا، إذن: ذِكْرُهُ بحكمٍ يوافقُ حُكْمَ العام، لا يقتضي تخصيصَه به،