للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبارةٌ عن استخدامٍ؛ ولهذا متى شئتَ قلتَ: لا أَتَوَكَّلُ عليه وأعْزِلُهُ، لكن بالنسبةِ للتوكُّلِ على اللهِ ليس كذلك.

فالتوكُّلُ على اللهِ هو تفويضُ الأمرِ للهِ عَزَّ وَجَلَّ تفويضًا تامًّا، وبعضُهُم يقولُ: صِدْقُ الإعتمادِ على اللهِ؛ يعني: التوكُّلُ صدقُ الإعتمادِ على اللهِ في جَلْبِ المنافعِ ودفْعِ المضارِّ مع الثقةِ باللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

والتوكُّلُ على اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لا يعني: إلغاءَ الأسبابِ؛ ولهذا لو قيل لرجلٍ: تَزَوَّجْ حتى يأتِيَك أولادٌ قال: أنا متوكِّلٌ على اللهِ. لا يَصْلُحُ؛ لأنَّ الأولادَ لا يَنْبُتُون في الصخرِ، افعل الأسبابَ وتوكَّلْ، وفي المَثَلِ اعْقِلْها. يعني: اعقِلِ الناقة وَتَوَكَّلْ، لا تُطْلِقِ الناقةَ وتقولَ: إني متوكِّلٌ على اللهِ، الناقةُ إذا أَطْلَقْتَها ذَهَبَتْ حيث شاءت، حتى لو قلتَ: متوكِلٌّ على اللهِ، افعلِ الأسبابَ. لو أن إنسانًا قيل له: يا فلانُ، ابتغِ الرزقَ، فبعْ واشترِ، واعملِ الأسبابَ التي تُحَصِّلُ بها المالَ، قال: واللهِ أبدًا أنا متوكِّلٌ على اللهِ، فهذا ليس صادقًا، هذا تَوَكُّلُ المتهاوِنِين، إذا كنتَ صادقًا في التوكُّلِ على اللهِ فاعملِ السببَ، ولكن لا تعتمدْ على السببِ، اجعلِ السببَ سببًا والمدبِّرُ هو اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.

قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [{وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} أَرْجِعُ] إلى اللهِ تعالى في عباداتي وفي جميعِ أحوالِي.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: أنه لا مَرْجِعَ للقوانينِ، وأن القوانين المخالِفةَ لِحُكْمِ اللهِ باطلةٌ، وهو كذلك؛ لأنَّ القانونَ من وَضْعِ البشرِ، فالبشرُ ليس عندهم إحاطةُ علمٍ، لا في الحاضرِ ولا في المُسْتَقْبلِ، فهم لم يحيطوا بالدنيا علمًا، غايةُ ما هنالك:

<<  <   >  >>