للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطفِّفين: ١٤] الذُّنوبُ جَعَلَتْه يرى الحقَّ باطلًا ويرى الباطلَ حقًّا، تُتْلى عليه آياتُ اللهِ كالقرآنِ أو التَّوراةِ حين لم تُنْسَخْ، ولكنَّه يقولُ: هذه أساطيرُ الأوَّلينَ قد حِيلَ بينه وبين فَهْمِها؛ ولذلك كلَّما رأيْتَ قَلْبَك مطمئنًّا بالقرآنِ محبًّا له متدبرًا له، فاعلمْ أنَّه نَقِيٌّ من الذُّنوبِ، وكلَّما وجدْتَ الأمرَ بالعكْسِ فَطَهِّرِ القَلْبَ.

من فوائدِ الآية الكريمةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: أنَّ الظَّالمين لا أحدَ يَنْصُرُهم من دونِ اللهِ؛ لأنَّهم استحقُّوا العذابَ، ولا مانعَ لما أعطى اللهُ ولا مُعْطِيَ لما مَنَعَ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنَّ الإضلالَ بيدِ اللهِ، وأن من أَضَلَّهُ اللهُ لا يُمْكِنُ أن يَرْجِعَ للحقِّ؛ لقولِهِ: {وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ سَبِيلٍ}.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّه يجبُ على المرءِ أن يَلْجَأَ إلى اللهِ دائمًا ويسألَ اللهَ الهدايةَ، وها هو النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يسألُ رَبَّه أن يَهْدِيَه، أوَّلَ ما يدعو في صلاةِ اللَّيلِ يدعو بالإستفتاحِ المشهورِ: "اللهمَّ رَبَّ جبرائيلَ وميكائيلَ وإسرافيلَ، فاطرَ السَّمواتِ والأرضِ، عالِمَ الغَيْبِ والشَّهادةِ، أنت تَحْكُمُ بين عبادِك فيما كانوا فيه يختلفون، اهْدِني لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذْنِكَ، إنَّك تهدي من تشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ" (١)؛ يقولُ: "اهْدِني لما اختُلِفَ فيه من الحقِّ بإذْنِك" فكيف بنا؟ ! .

فالمُهِمُّ: أنَّه يُؤْخَذُ من الآيةِ: أن يرجعَ الإنسانُ في طلبِ الهدايةِ إلى اللهِ تعالى وَحْدَهُ وأن يُعِيذَهُ من الضَّلالِ.

* * *


(١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (٧٧٠)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>