للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣١)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [الشورى: ٣١].

* * *

{وَمَا} نافيةٌ وهي تَعْمَلُ عَمَلَ ليس على لغةِ الحِجازِيِّين، والقرآنُ الكريمُ نَزَلَ بِلُغَتِهم، وعلى هذا فيكُونُ قولُهُ: {أَنْتُمْ} اسْمَها، وقوْلُه: {بِمُعْجِزِينَ} خَبَرَها، لكنَّه اقْتَرَنَ بالباءِ الزَّائدةِ إعرابًا، الزَّائدةِ معنًى؛ يعني أنَّها من حيث الإعرابُ زائدةٌ، لو حُذِفَتْ لتمَّ الكلامُ بدونِها، لكن من حيث المعنى غيرُ زائدةٍ، بل هي مفيدةٌ، وفائدةُ حروفِ الزِّيادةِ هي التَّوْكيدُ. كلَّما جاءك حرفٌ زائدٌ فهو لتأكيدِ العمومِ.

يقولُ: {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ} أي بِمُعْجِزِينَ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إذا طَلَبَكم، فلن تُعْجِزُوه في الأرضِ.

وقولُ المفسِّرِ رَحِمَهُ اللهُ: [{بِمُعْجِزِينَ} اللهَ هَرَبًا] هذا كالمثالِ، وإلَّا فالمعنى أعمُّ مما قال، أي: بمُعْجِزِين اللهَ هَرَبًا، وبمُعْجِزين اللهَ اختفاءً، وبمُعْجِزين اللهَ اضطجاعًا، وما أَشْبَهَ ذلك، الإنسانُ بالنسبةِ للإنسانِ ربما يُعْجِزُه إذا هَرَبَ منه ويكُونُ أَسْبَقَ منه، ربَّما يُعْجِزُه إذا اختفى عنه بجدارٍ، أو غارٍ، أو شجرٍ، أو ما أَشْبَهَ ذلك، ربَّما يُعْجِزُه إذا اختفى عنه بالإضطجاعِ على الأرضِ، وما أَشْبَهَ ذلك.

فهل هذا الإعجازُ الَّذي يكونُ من الإنسانِ للإنسانِ هل يكونُ من الإنسانِ للهِ؟

<<  <   >  >>