للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحتملُ العليَّ عليهم بالسلطانِ والسيطرةِ، فيكون علوًّا وصفيًّا، ويحتملُ أنه علا عليهم بذاتِهِ.

فلا يَجُوزُ لنا أن نرميَ المُفسِّر بأنه أَنْكَرَ الْعُلُوَّ، ولا أن نَشْهَدَ بأنه أَثْبَتَهُ؛ لأنَّ المُفسِّر رَحِمَهُ الله من الأشاعرةِ، فلا ندري، لكننا يَجِبُ علينا إذا سَمِعْنَا كلامًا من إخوانِنا المسلمين يُمْكِنُ أن يَكُونَ له محملٌ صحيحٌ أن نَحْمِلَهُ على المحملِ الصحيحِ ما لم تُوجَدُ قرينةٌ تَمْنَعُ ذلك، وإلا فالأصلُ إذا سَمِعْتَ من أخيك كلمةً فاحْمِلْها على المعنى الصَّحيحِ، حتى لو أنك سَمِعْتَ كلمةً وقلتَ: هذا الرجلُ يَسْخَرُ بي مثلًا أو يستهزئُ لا تَحْمِلْهَا على هذا، احْمِلْها على المعنى الحقِّ.

وأمَّا {الْعَظِيمُ} فيقولُ المُفسِّر رَحِمَهُ الله: [الكبيرُ] وفي هذا نظرٌ؛ لأنَّ الكبيرَ غيرُ العظيمِ، العظيمُ يعني: ذُو العَظَمَةِ، وعَظَمَةُ الشيءِ أو عَظَمةُ العظيمِ يعني: قُوَّةَ السلطانِ، قُوَّةَ العِلْمِ، قوةَ أيِّ شيءٍ يحتمل من المعاني فهو داخلٌ في كلمةِ العظيمِ.

[من فوائد الآية الكريمة]

الْفَائِدَة الأُولَى: عمومُ مُلْكِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالى؛ لقولِهِ: {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ}؛ لأنَّ (ما) اسمٌ موصولٌ يفيدُ العمومَ.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن ذلك مختصٌّ باللهِ لا يشارِكُهُ فيه أحدٌ، وذلك بتقديمِ الخبرِ، والقاعدةُ البلاغيةُ: أن تقديمَ ما حقُّهُ التأخيرُ يفيدُ الحصرَ والإختصاصَ.

فإن قال قائلٌ: يَرِدُ على قولِكم هذا أن اللهَ تعالى أَثْبَتَ للإنسانِ المُلْكَ، فقال: {إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} [المؤمنون: ٦]، وقال: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} [النور: ٦١]، وما أَشْبَهَ ذلك.

<<  <   >  >>