للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٧)]

* * *

* قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: ٧].

* * *

قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} {وَكَذَلِكَ} الكافُ هنا اسمٌ بمعنى (مثل)، وهي منصوبةٌ على المفعوليَّةِ المُطْلقةِ؛ ولهذا قَدَّرَها المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ بقولِهِ: [مِثْلَ ذلك الإيحاءِ].

الأولُ قال: {كَذَلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ} [الشورى: ٣]، ولمْ يُبَيِّن المُوحى، وهنا قال: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا} فبيَّنَ الموحى، فكان الآن هنا تفصيلٌ بعد إجمالٍ؛ الإجمالُ {يُوحَى إِلَيْكَ}؛ لأنَّه لم يُبَيِّن الموحى، وهنا {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا} فهو تفصيلٌ بَعْدَ إجمالٍ، ولا يخفى علينا أن التفصيلَ بَعْدَ الإجمالِ من أساليبِ اللغةِ البلاغيةِ العظيمةِ؛ لأنَّ الشيءَ إذا أُجْمِلَ بَقِيَتِ النفْسُ متضلعةً متطلعةً متشوفةً متشوقةً إلى تفصيلِهِ، فإذا جاء مفصلًا وَرَدَ كالماءِ على أرضٍ يابسةٍ، فالماءُ على الأرضِ اليابسة تشربُهُ على الفورِ، فكذلك إذا وَرَدَ التفسيرُ بَعْدَ الإجمالِ فإنه يَرِدُ على قلبٍ متطلعٍ تمامًا إلى التفصيلِ.

{وَكَذَلِكَ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أي مثلَ هذا الإيحاءِ] {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} والخطابُ للرسولِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عن طريقِ جبريلَ، قال اللهُ تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ} [الشعراء: ١٩٣] على قلْبِك {أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ} {قُرْآنًا} بمعنى مقروءٍ،

<<  <   >  >>