للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبادي من لو أفقرْتُه لأفسده الفقرُ" (١)، فاللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حكيمٌ. وكم من إنسانٍ رجع إلى اللهِ تعالى بسببِ المصائبِ من فقرٍ، أو موتِ قريبٍ، أو صديقٍ، أو ما أَشْبَهَ ذلك.

قولُهُ: {مَا يَشَاءُ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [فيبسُطُها لبعضِ عبادِه دون بعضٍ، وينشأ عن البسطِ] يعني توزيعَ الرزقِ [البغيُ]، هذا كالتعليلِ؛ لكونِ الجواب: لو بسطَ اللهُ الرزقَ لعبادِهِ لَبَغَوْا؛ بأنه ينشأُ عن البسطِ البغيُ والطغيانُ والإستكبارُ عن العبادةِ والتكذيبُ بالحقِّ.

قولُهُ: {إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ} الجملةُ استئنافيَّةٌ تُبيِّنُ أن بَسْطَه الرِّزْقَ وعدَمَه ناشئٌ عن عِلْمٍ وخبرةٍ، والخبرةُ أخصُّ من العِلْمِ؛ لأنَّها العلمُ ببواطنِ الأمورِ، ولكن نقولُ: إن العلمَ ببواطِنِ الأمورِ يدلُّ بالإلتزامِ على العِلْمِ بظواهرِ الأمورِ من بابِ أولى.

{بَصِيرٌ} مأخوذةٌ من الإبصارِ بالعيْنِ، ومن البصيرةِ وهي العِلْمُ، فيكونُ بصيرٌ لها معنيان: الأولُ: من الإبصارِ وهو الرؤيا بالعيْنِ، والثاني: من البصيرةِ وهي العلمُ {إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}، وهذا يعني أنه يُضَيِّقُ على من شاء ويوسِّعُ على من شاء.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: أن بَسْطَ الرزقِ وتضييقَهُ من عندِ اللهِ وحده؛ لقولِهِ: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}.


(١) أخرجه أبو نعيم في الحلية (٨/ ٣١٨ - ٣١٩)، والبيهقي في الأسماء والصفات رقم (٢٣١)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>