للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٧)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى: ٣٧].

* * *

قولُهُ: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ} نَصَّ على أنه معطوفٌ عليه؛ لئلَّا يَظُنَّ الظانُّ أنَّ الواوَ هنا للإستئنافِ، وعلى هذا فيكونُ من بابِ عطفِ الصِّفاتِ، وليس من بابِ عطفِ الأعيانِ؛ فالَّذين استجابوا لرَبِّهِم هم الَّذين آمنوا وعلى رَبِّهِم يتوكلون، هل لهذا نظيرٌ؛ أي: عَطْفُ الأوصافِ لموصوفٍ واحدٍ؟

الجوابُ: كثيرٌ، قال اللهُ تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى (٣) وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى} [الأعلى: ١ - ٤] قولُهُ: {وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى} ليس هو شَيْئًا آخَرَ، بل هو الأوَّلُ، فيكونُ هذا من بابِ عَطْفِ الأوصافِ دونَ الأعيانِ، أنت إذا قلتَ: قام زيدٌ وعمرٌو وبكرٌ وخالدٌ، فهذا من بابِ عطفِ الأعيانِ؛ لأنَّ الثانيَ غيرُ الأوَّلِ، وإذا قلتَ: جاء زيدٌ الفاضلُ والكريمُ والشُّجاعُ؛ هذا من بابِ عطفِ الأوصافِ؛ لأنَّ الثَّانيَ هو الأوَّلُ، لكن اختلفت الصِّفَةُ، إذن فالعطفُ نوعان: عطفُ أعيانٍ، وعطفُ أوصافٍ.

فالآياتُ الَّتي معنا {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ} هذا من بابِ عطفِ الأوصافِ؛ لأنَّ الَّذين يَجْتَنِبون كبائرَ الإثْمِ والفواحشَ هم الَّذين آمنوا وعلى ربِّهِم

<<  <   >  >>