للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول المفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [: {حَكِيمٌ} في صُنْعِه] هذا أيضًا ناقصٌ، بل هو حكيمٌ في صُنْعِه حكيمٌ في شَرْعِه، والحكمةُ في الشَّرْعِ أَبْلَغُ من الحكمةِ في الصُّنْعِ؛ لأنَّ الصُّنْعَ أمرٌ كَوْنِيٌّ لا طاقةَ للإنسانِ في تغييرِه ولا في الحيادةِ عنه أمَّا الأمْرُ الشَّرعيُّ، فهو الَّذي محلُّ التَّلاعُبِ من البشرِ، فنقولُ للبشرِ: لا تتلاعبوا بأحكامِ اللهِ فإنَّها صادرةٌ عن حِكْمَةٍ. إذن يُعْتَبَرُ تفسيرُ المفسِّرِ الَّذي قَصَرَه على الحِكَمةِ القَدَرِيَّةِ في صُنْعِ اللهِ تفسيرًا ناقصًا، فنقولُ: حكيمٌ في صُنْعِه وشرْعِه.

من فوائِدِ الآية الكريمةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: بيانُ عظمةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وأنَّه لا يستطيعُ البشرُ أن يُكَلِّمُوه بلا واسطةٍ إمَّا رسولٍ أو حجابٍ؛ لقولِهِ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشُّورَى: ٥١].

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: إثباتُ تكليمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وقد سبق الكلامُ عليه فلا حاجَةَ إلى إعادتِهِ وبيَّنَّا أنَّ كلامَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ كلامٌ بحرفٍ وصوتٍ مسموعٍ وأنَّ ذلك من كمالِهِ، وليس كما يَزْعُمُ الزاعمون أنَّه من النَّقْصِ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ إيحاءَ اللهِ تعالى على ثلاثةِ أوْجُهٍ:

الأوَّل: وحيُ إلهامٍ.

والثَّاني: تكليمٌ من وراء حجابٍ.

والثَّالثُ: إرسالُ رسولٍ يوحِي إلى المُرْسَلِ إليه ما شاء اللهُ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثباتُ مشيئةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لقولِهِ: {مَا يَشَاءُ} {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ}.

<<  <   >  >>