للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى صراطٍ مستقيمٍ" (١)، هؤلاء الثَّلاثةُ كُلُّ واحدٍ منهم مُوَكَّلٌ بما فيه الحياةُ، جبريلُ بما فيه حياةُ القلوبِ، إسرافيلُ بما فيه حياةُ النَّاسِ للبعْثِ، ميكائيلُ بما فيه حياةُ الأرضِ الَّذي به يحيا البهائمُ والإنسانُ.

وقوله: {فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} {بِإِذْنِهِ} أي: إِذْنِه القَدَرِيِّ {مَا يَشَاءُ} أي: مِمَّا أوحاه اللهُ إلى هذا الرَّسولِ الَّذي بَعَثُه إلى الرَّسولِ البشريِّ.

وقوله: {إِنَّهُ عَلِيٌّ} قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [عن صفاتِ المُحْدَثِين] هذا التفسيرُ تَفْسِيرٌ غلطٌ؛ لأنَّه يُوهِمُ أنَّ كلَّ صفةٍ للمخلوقِ لا تَثْبُتُ للخالِقِ، فالسَّمْعُ لا يَثْبُتُ للخالِقِ! والبصَرُ وكلُّ صفةٍ للمخلوقِ لا تَثْبُتُ للخالِقِ! ! ولذلك لو قال المفسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: إنَّه عليٌّ عن صفاتٍ عن مماثَلَةِ المخلوقين وصفاتِ النَّقصِ لو قال هذا لكان أَهْوَنَ، مع أنَّنا نقولُ: إنَّه عليٌّ بذاتِهِ وصفاتِهِ فذاتُهُ فوق كلِّ شيءٍ وصفاتُهُ هي المَثَلُ الأعلى، هذا هو الصَّوابُ.

لكن المفَسِّرَ - عفا اللهُ عنه - يُفَسِّرُ القرآنَ على طريقِ الأشاعرةِ؛ لأنَّه منهم؛ فلذلك يُحَرِّفُ الكَلِمَ عن مواضِعِهِ ليُوَافِقَ مَذْهَبَهُ الباطِلَ وهذه آفةٌ قلَّ مَن يَسْلَمُ منها من أهْلِ العِلْمِ. تجدُ الرَّجُلَ يعتقدُ شيئًا ما في العقيدةِ أو في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ التَّكليفيَّةِ ثم يحاولُ في النُّصوصِ الَّتي تخالفُ ما ذهب إليه أن يَلْوِيَ أعناقَهَا إلى ما ذَهَبَ إليه فيجعلَ النُّصوصَ تابعةً، والواجبُ أن تكونَ متبوعةً، لكنَّ هذه آفةٌ ابتُلِيَ بها كثيرٌ من النَّاسِ.

وإنما نحن نقولُ: {عَلِيٌّ} يعني: بذاتِهِ وصفاتِهِ عن كلِّ نقْصٍ، أمَّا عن صفاتِ المُحْدَثِين؛ فهذا من الغرائبُ.


(١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، رقم (٧٧٠)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>