للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٣٠)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: ٣٠].

* * *

قَوْلُهُ: {وَمَا أَصَابَكُمْ} هذه شَرْطِيَّةٌ. أَعْنِي {وَمَا} جَوَابُهَا {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}.

وقَوْلُهُ: {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} خَبَرُ مبتدأٍ مَحْذُوفٍ والتَّقْديرُ: فهو بما كَسَبَت أيديكُم.

يقولُ المفَسِّرُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَمَا أَصَابَكُمْ} خطابٌ للمؤمنين {مِنْ مُصِيبَةٍ}] بيانٌ لِـ (ما) [بَلِيَّةٌ وَشِدَّةٌ {فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ}؛ أي: كَسَبْتُم من الذُّنوبِ، لكنه عَبَّرَ بالأيدي لأنَّ أَكْثَرَ الأفعالِ تُزَاوَلُ بها {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} مِنْها، فلا يُجَازِي عليه، فهو تعالى أَكْرَمُ من أن يُثَنِّيَ الجزاءَ في الآخِرَةِ، أمَّا غَيْرُ المُذْنِبِينَ فما يصيبُهُم في الدُّنْيا لرفْعِ درجاتِهِم في الآخِرةِ].

يقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ} خَصَّ المفَسِّرُ هذا بالمؤمنين، ووجْهُ التَّخْصِيصِ أنَّه قال: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} والكُفَّارُ ليسوا أهلًا للعفْوِ، وقولُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [{مِنْ مُصِيبَةٍ} بَلِيَّةٌ وشِدَّةٌ]، ويشْمَلُ المصائبَ الدِّينيَّةَ والمصائِبَ الدُّنْيويَّةَ، وأعْظَمُهَما المصائبُ الدِّينيَّةَ، فإنها أَعْظَمُ من المصائِبِ الدُّنْيويَّةِ، فإذا قُدِّرَ أن أحدًا

<<  <   >  >>