للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{الْحَمِيدُ}؛ أي: المحمودُ على هذه الوَلايةِ؛ لأنَّها وَلايةُ رحمةٍ وحكمةٍ وعدلٍ، فيُحْمَدُ عليها، إذا كان اللهُ تعالى هو الوليَّ فإلى من يلجأُ إذا ضاقت عليه الأمورُ؟ يلجأُ إلى الله عَزَّ وَجَلَّ؛ لأنَّه وليّه، كما أن اليتيمَ يرجعُ إلى وَلِيِّه في تصريفِ مالِهِ، وقولُهُ: {الْحَمِيدُ}؛ أي: المحمودُ على وَلايَتِهِ، فكلُّ ما أجراه الله عَزَّ وَجَلَّ في مُلْكِه فإنه محمودٌ عليه، ماذا كان يقولُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا أصابه ما يسوؤه يقولُ: "الحمدُ للهِ على كلِّ حالٍ"، وإذا أصابه ما يَسُرُّهُ قال: "الحمدُ لله الذي بِنِعْمَتِه تتمُّ الصالحاتُ" (١)، وأما ما يقولُهُ بعضُ الجهَّالِ: الحمدُ للهِ الذي لا يُحْمَدُ على مَكْرُوهٍ سواه، فهذه عبارةٌ بِدْعِيَّةٌ لا تجوزُ؛ لأنَّها تُنبئُ عن كراهةِ الإنسانِ لما يَفْعَلُه اللهُ عَزَّ وَجَلَّ ثم هناك تناقضٌ بين مكروهٍ ومحمودٍ، ثم إن كلَّ ما يجيءُ به اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فإن الإنسانَ يجبُ عليه أن يرضى به؛ لأنَّ من الإيمانِ الإيمانَ بالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّه، فالمهمُّ أن هذه عبارةٌ مُحْدَثَةٌ يُنْهَى عنها، ويقالُ لمن يقولُها: قل ما قاله الرسولُ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - وهو: "الحمدُ لله على كلِّ حالٍ".

ووَلايةُ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى تنقسمُ إلى قسمين لا تَخْرُجُ عنهما: إما إحسانٌ وإما عدْلٌ والثالثُ: ممتنعٌ، وهو الظُّلْمُ، فولايةُ الله تعالى لا تَخْرُجُ عن هذين الأمْرَيْنِ أعني: الإحسانَ، والعدْلَ.

من فوائدِ الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: أن إنزالَ المطرِ بيدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ لقولِهِ: {وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن بإنزالِ المطرِ زوالَ الشِّدَّةِ؛ لأنَّ الغيثَ هو إزالةُ الشدَّةِ.


(١) أخرجه ابن ماجه: كتاب الأدب، باب فضل الحامدين، رقم (٣٨٠٣)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -.

<<  <   >  >>