للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (١٩)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ} [الشورى: ١٩].

* * *

قولُهُ: {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} الجملةُ استئنافيَّةٌ، وهي مبتدأٌ آية {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} لا يخفى أنَّها مبتدأٌ وخبرٌ، ومعنى اللطيفِ هو الذي يَلْطُفُ بالعبدِ، فيُقَدِّرُ له من التيسيرِ ما لا يَخْطِرُ له على بالٍ، قال ابنُ القَيِّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ في النونيَّةِ (١):

وهو اللطيفُ بعبْدِه ولعَبْدِه ... ....................

لطيفٌ به، يَرْفُقُ به ويُيَسِّرُ له الأمرَ، لطيفٌ لعبْدِه يُقَدِّرُ له من الأمورِ الخارجيَّةِ ما يكونُ فيه اللطفُ. كما قال عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ} إذن: اللطافةُ تعتبرُ كنايةً عن تيسيرِ الأمرِ وتسهيلِ الأمرِ لمن شاء من عبادهِ. لكن هنا يقولُ المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{بِعِبَادِهِ} بَرُّهُمْ وَفَاجِرُهُمْ]. حتى الفاجرُ اللهُ لطيفٌ به، لطيفٌ به بالمعنى العامِّ. ولهذا يُنَزِّلُ عليهم المطرَ، ويُنبتُ لهم النباتَ، ويدفعُ عنهم الشرورُ ... إلخ.

فاللهُ عَزَّ وَجَلَّ لطيفٌ بالعبادِ كُلِّهِم؛ البَرِّ والفاجِرِ، لكنَّ لُطْفَه بالبَرِّ لطفٌ خاصٌّ، مُستمرٌّ في الدنيا وفي الآخرةِ، ولُطْفَه بالفاجرِ لُطْفٌ عامٌّ، يكونُ ابتلاءً وامتحانًا، وربما يزدادُ به الفاجرُ فجورًا بما لطف اللهُ به، كما قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ اللهَ ليُملي للظالِمِ


(١) النونية (ص: ٢٠٧).

<<  <   >  >>