للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ} [الأعراف: ١٨٧] كيف يجيءُ واحدٌ يقولُ: أنا أَعْلَمُ؟ ! أمَّا عُمرُ الأمةِ الإسلاميَّةِ، بمعنى أنَّ الإسلامَ يزولُ بعد هذه المُدَّةِ، فهذا قد يقولُ قائلٌ: إنه مُمْكِنٌ، وقد يقولُ: إنه غيرُ ممكِنٍ العلمُ به؛ لأنَّ قيامَ الساعةِ يكونُ على شرارِ الخَلْقِ؛ حتى لا يُقالَ: اللهُ اللهُ، لكن هذا ما عندنا عِلْمُه، فكلُّ هذا باطلٌ، وكلُّ هذا يجبُ أن يُكَذَّبَ ويُنْكَرَ.

وأما الأحاديثُ التي يستدلُّ بها، فينظر أولًا في سَنَدِها وصِحَّتِها؛ وليس كلُّ ما صَحَّحَه فلانٌ أو فلانٌ يكونُ صحيحًا، البُخاريُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قد يَذْكُرُ تعاليقَ هو يَجْزِمُ بصِحَّتِهَا، كما قالوا: إنَّه إذا ذَكَرَ تعليقًا مجزومًا به عنده فهو صحيحٌ عنده، ومع ذلك هي ضعيفةٌ وهو إمامُ المُحَدِّثِينَ.

وثانيًا: إذا تمَّ النظرُ في صِحَّتِها وصارتْ صحيحةً؛ فينظرُ في دلالاتِها، فلا يُمْكِنُ أن تَدُلَّ الأحاديثُ الصحيحةُ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بخلافِ ما جاء في القرآنِ، وبخلافِ ما هو صريحٌ، وقولُ الرسولِ صحيحٌ بالسُّنَّةِ، وقولُ الرسولِ - صلى الله عليه وسلم -: "أتاكم يُعَلِّمُكُم دينَكُم" (١) يدلُّ على أن من ديننا أن نُؤْمِنَ بأنه لا عِلْمَ لأحدٍ بقيامِ الساعةِ.

* * *


(١) أخرجه مسلم: كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام، رقم (٨)، من حديث عمر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>