للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العاقِلِ] الضميرُ يعني في جَمْعِهِم تغليبُ العاقِلِ؛ لأنَّ الميمَ الدالَّةَ على الجَمْعِ لا تكونُ إلا في العقلاءِ، وأما غيرُ العقلاءِ فيؤتى بنونِ النِّسْوَةِ، لكن هنا أتى بضميرِ الجمْعِ مع أن ما في الأرضِ من دابَّةٍ أكثرُهُ غيرُ عقلاءَ، لكن يقولُ المُفسِّر يقولُ رَحِمَهُ اللَّهُ: تغليبٌ للعاقِلِ.

من فوائد الآيةِ الكريمةِ:

الْفَائِدَة الأُولَى: بيانُ أن خالقَ السَّمواتِ والأرضِ هو اللهُ؛ لقولِهِ: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرومِ: ٢٢]، ولم يشاركْهُ أحدٌ في ذلك.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن هذه المخلوقاتِ من آياتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ولكن لا يتبيَّنُ أنها من آياتِ اللهِ إلا بالتأمُّلِ والتدبُّرِ؛ لأننا اعتدنا هذه المخلوقاتِ، اعتدنا طلوعَ الشمسِ وغروبَهَا، وطلوعَ القمرِ وغروبَهُ، فلم يكن ذلك محرِّكًا لقلوبِنا؛ لأنَّه شيءٌ معتادٌ ولكن لو أننا تَدَبَّرْنَا هذه المخلوقاتِ لتبيَّنَ لنا أنها من آياتِ اللهِ العظيمةِ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أن من آياتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ما يَبُثُّ في السَّمواتِ والأرضِ من دابَّةٍ من الآدميين وغير الآدميين، فإن في كلِّ شيءٍ منها آيةٌ تدلُّ على كمالِ وحدانيَّتِه عَزَّ وَجَلَّ ورحْمَتِه وحكمَتِه.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن ظاهرَ الآيةِ أن في السَّمواتِ دوابَّ؛ لقولِهِ: {وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ} أما الأرضُ فالدوابُّ فيها معلومةٌ لنا أكثرُها معلومٌ لنا نعْرفُه ونشاهدُه، أما السَّمواتُ ففيها دوابُّ، لكن لا ندري ما هي، إن قلتَ: الملائكةُ. صار في ذلك إشكالٌ، وإن قلتَ: غيرُ الملائكةِ قلنا: إن اللهَ على كلِّ شيءٍ قديرٌ؛ لأنَّ الملائكةَ بَيَّنَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أنهم أولو أجنحةٍ فقال: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطرٍ: ١]، وذو الجناحِ يطيرُ، وربما يكونُ يمشي أيضًا.

<<  <   >  >>