الذَّرَّاتِ - إما لحمًا أو غيرهُ - فحاولت الذَّرَّةُ أن تَحْمِلَها فعجزتْ، فرجعت إلى جُحْرِهَا، واستغاثت بأَخَواتِها فأقبلْنَ إليها يزفُّون، فلما أقبَلْن عليه نزعها - رَفَعَه من الأرضِ - فجعل الذَّرُّ تطلبُه ولا تجدُ شيئًا، فصرخت وبقيت الأولى التي كانت قد دَلَّتْ عليه، فوضع الطُّعْمَ، فلما تيقنتْه ذهبتْ إلى قومِها فَدَعَتْهُم، فلما أَقْبَلْنَ نَزَعَها، فطلبْنَه فلم يَكُنْ، فرجعن، ثم وُضِعَ الطُّعْمُ للمرةِ الثالثةِ فتأكدته هذه الذرةُ، ثم رجعتْ إلى قومِها تستفزعُهُم، فلما أقبلن نَزَعَه فلما طَلَبْنَه ولم يجدنه أَكَلْنَ هذه الذَّرَّةَ نهائيًّا، قَطَّعْنَها أوصالًا، يقولُ: فحكيتُ ذلك لشيخِ الإسلامِ ابنِ تيميَّةَ متعجبًا منها قال: نعم كلُّ شيءٍ مفطورٌ على عقوبةِ الظالمِ الكاذِبِ، وهذه كَذَبَتْ عليهن وظَلَمَتْهُنَّ فلم يبقَ إلا أن تُعْدَمَ؛ لأنَّ الساعيَ في الأرضِ فسادًا يجبُ إعدامُهُ حتى الآدمِيُّ.
وهل عليه دِيَةُ هذه المقتولةِ؟ الجوابُ: هو ظالمٌ لها نسألُ اللهَ أن يَعْفُوَ عنه.
وكلُّ شيءٍ هداه اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لما خَلَقَه له حتى الذَّرُّ شاهدْتُه أنا في حوضِ نخلةٍ لما سقيتُ النخلةَ بالماءِ دخل الماءُ من تحت الأرضِ إلى جُحْرِ الذَّرِّ، فجعلت الذَّرُّ تحملُ بَيْضَها الأبيضَ بسرعةٍ، حتى أَخْرَجَتْه عن الماءِ، فالذي هداها لهذا هو اللهُ عَزَّ وَجَلَّ. وآياتُ اللهِ كثيرةٌ؛ ولهذا قال اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:{وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ} وفي الآيةِ الأخرى {وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ}[الجاثيةِ: ٤] فأتى بالماضي وأتى بالمضارعِ الدالِّ على الإستمرارِ.
قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ} للحشرِ {إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ}] , {وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ}؛ أي: جَمَعَ هذه المخلوقاتِ {إِذَا يَشَاءُ}؛ أي: إذا يشاءُ جَمَعَهُم، فالمفعولُ به محذوفٌ دلَّ عليه السياقُ.