للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٨)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [الشورى: ٨].

* * *

قال الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً}؛ قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللهُ: [أي: على دينٍ واحدٍ هو الإسلامُ]. لو شاءَ اللهُ أن يَجْعَلَ الناسَ أمةً واحدةً لجَعَلهم أمةً واحدةً على الضلالِ، أو على الهدى، يعني لو شاء هذا أو هذا؛ لأنَّ الأمرَ كُلَّهُ بيدِه عَزَّ وَجَلَّ وقولُهُ: {لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني: فرقةٌ واحدةٌ على دينٍ واحدٍ.

وقولُهُ رَحِمَهُ اللهُ: [وهو الإسلامُ]، قد يُنَازَعُ فيه؛ لأنَّ الآيةَ مطلقةٌ وليس فيها ما يَدُلُّ على أنه الإسلامُ أو غيْرُ الإسلامِ؛ لأنَّ قولَهُ: {وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [الشورى: ٨]، ذَكَرَ الأمْرَيْن، فنقولُ: إن الآيةَ تَحْتَمِلُ المعنييْن جميعًا {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} يعني: على الإسلامِ، أو على الكفرِ، ولكنه عَزَّ وَجَلَّ لحِكْمَتِه جعلهم متفرقين {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التغابن: ٢].

قال تعالى: {وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} قولُهُ: {يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ} {مَنْ} اسمٌ موصولٌ عامَّةً، ولكن يجبُ أن نَعْلَمَ أن هذا العمومُ مقيَّدٌ بمَنْ عَلِمَ اللهُ فيه خيرًا، فهو الذي يُدْخِلُه في رحمتِهِ؛ لأنَّ كلَّ فعلٍ أضافه اللهُ إلى مشيئتِهِ فلا بدَّ أن

<<  <   >  >>