للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[عَبِيدًا] يعني: تدبيرًا يُدَبِّرُهُم {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشُّورَى: ٥٣] {أَلَا} هنا أداةُ استفتاحٍ والمقصودُ بها التَّنبيهُ والتَّأكيدُ.

وقولُهُ: {إِلَى اللَّهِ} مفعولٌ {تَصِيرُ} مُقَدَّمٌ عليها لإفادةِ الحَصْرِ؛ أي: إلى اللهِ لا إلى غَيْرِه {تَصِيرُ الْأُمُورُ}؛ أي: شؤونُ الخَلْقِ.

[من فوائد الآيتين الكريمتين]

الْفَائِدَة الأُولَى: بيانُ أنَّ هذا القرآنَ الكريمَ روحٌ تحيا به القلوبُ، وعلى هذا فإذا وَجَدْتَ قَلْبَكَ مَيِّتًا أو وَجَدْتَه مريضًا أو وَجَدْتَه قاسيًا فعليك بالقرآنِ، اقرأْه عن محبَّةٍ وتَدَبُّرٍ فسيتغيَّرُ القلبُ، من مرضٍ إلى صِحَّةٍ، ومن موتٍ إلى حياةٍ، ومن قسوةٍ إلى لِينٍ. قال ابنُ عَبْدِ القويِّ رَحِمَهُ اللهُ:

وحافِظْ على دَرْسِ القُرَانِ فإنه ... يُلَيِّنُ قلبًا قاسيًا مِثْلَ جَلْمَدِ (١)

أيْ: مِثْلَ الحصى، ويدُلُّ عليه هذه الآيةُ.

مسألةٌ: إذا كان الإنسانُ يَقْرَأُ كُتُبَ العلماءِ ثم يَرِدُ عليه نسيانُ بعضِ الأقوال، فهل يُفَرَّقُ بَيْنَ نسيانِ القرآنِ ونسيانِ غيرِهِ؟

فالجوابُ: النِّسْيانُ لا يخلو منه الإنسانُ حتى إنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قَرَأَ ذاتَ يومٍ ونَسِيَ آيةً من كتابِ اللهِ (٢). فلا أحدَ يَسْلَمُ منه، لكنَّ القرآنَ تَجِبُ العنايةُ به أَكْثَرَ؛ لأمْرِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بتَعَهُّدِه، والقرآنُ أكثرُ الأشياءِ نسيانًا، يعني أنْ تَحْفَظَ مثلًا مَتْنًا من متونِ الفِقْهِ


(١) انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح (٣/ ٥٩٠).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ٧٤)، وأبو داود: كتاب الصلاة، باب الفتح على الإمام في الصلاة، رقم (٩٠٧)، من حديث المسور بن يزيد - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>