قوله:{يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [يقولون: متى تأتي؟ ظنًّا منهم أنَّها غيرُ آتيةٍ]{يَسْتَعْجِلُ بِهَا}؛ أي: يستعجلونها أين هي؟ متى تَكُونُ؟ ليس ذلك حرصًا عليها، ولا رَغبةً فيما يكونُ فيها من الخيرِ، ولكنه استبطاءٌ لها، وإنكارٌ لها، أين الساعةُ التي تقولون؟ كما قال عزَّ وَجَلَّ:{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[الجاثية: ٢٥] وهم بهذا مُلَبِّسون مُشَبِّهُون؛ لأنَّهم لم يُقَلْ لهم إنهم يأتون في الدنيا، بل يأتون يومَ القيامةِ.
فالرسُلُ لم تَقُلْ: إن آباءكم سيأتون وأنتم أحياءٌ، لأنَّ من مات لا يُبْعَثُ إلى يومِ القيامةِ {ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون: ١٥ - ١٦] اللهمَّ إلا أن تكونَ آيةً من آياتِ الرسُلُ، كما جرى لعيسى {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا} أما الذين آمنوا فيقولُ اللهُ عنهم: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ} قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [خائفون]{مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ}.