للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: {إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} فهو: {عَلِيمٌ} بما يَخْلُقُ {قَدِيرٌ} على ما يَخْلُقُ، فهو يَعْلَمُ ما يَخْلُقُ عَزَّ وَجَلَّ وقديرٌ على أن يَخْلُقُ ما أراد.

من فوائِدِ الآيتين الكريمتين:

الْفَائِدَة الأُولَى: عمومُ مُلْكِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لما في السَّمواتِ والأرضِ؛ لقولِهِ: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: اختصاصُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بذلك، وَجْهُ ذلك أنَّ اللهَ قَدَّمَ الخبرَ والخَبَرُ حَقُّهُ التَّأخيرُ وتقديمُ ما حقُّهُ التَّأخيرُ يفيدُ الحَصْرَ.

فإن قال قائلٌ: قال اللهُ تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النِّساءِ: ٣]، فللإنسانِ مِلْكٌ فكيف الجمْعُ بين قولِنا: إن مُلْكَ السَّمواتِ والأرضِ خاصٌّ باللهِ وإثباتِ المِلْكِيَّةِ لغيرِ اللهِ؟

فالجوابُ: أولًا: مُلْكُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تامٌّ شاملٌ، ففيه شمولُ التَّصرُّفِ، وفيه شمولُ المكانِ بمعنى: أنَّ مُلْكَ اللهِ تعالى تامٌّ من كلِّ وجْهٍ، عامٌّ من كلِّ وجْهٍ، أمَّا مُلْكُ الإنسانِ فقاصرٌ من جهةِ العمومِ المكانيِّ ومن جهةِ عمومِ التَّصرُّفِ، فكلُّنا نَمْلِكُ لكنَّ مُلْكَنَا محدودٌ، أنا أملِكُ حقيبةً ولا أمْلِكُ حقيبةً أخرى لغيري فهو محدودٌ.

ثانيًا: مُلْكٌ ناقصٌ، لا يُمْكِنُني أن أَتَصَرَّفَ في مُلْكي كما أشاءُ صحيحٌ، لا يُمْكِنُ أن أُضَيِّعَه؛ لأنَّنِي مَنْهِيٌّ عن إضاعةِ المالِ، لا يُمْكِنُ أن أُعَذِّبَهُ إذا كان حيوانًا لأنِّي مَنْهيٌّ عن ذلك، لا يُمْكِنُ أن آكُلَ من مِلْكي ما شئتُ وأدَعَ ما شئتُ، فالحيوانُ مُحَرَّمٌ لا يجوزُ أن آكُلَهُ ولو كان مِلْكِي المهمُّ أنَّ مُلْكَ الإنسانِ محدودٌ. ثانيًا: ناقصٌ محدودٌ لا يشملُ كلَّ شيءٍ، ناقصٌ لا يَمْلِكُ كلَّ تَصَرُّفٍ.

<<  <   >  >>