للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الآية (٥١)]

* * *

* قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} [الشُّورَى: ٥١].

* * *

قولُهُ: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} (ما كان) هذه الصِّيغةُ في القرآنِ الكريمِ تدلُّ على أنَّ الشَّيءَ مُمْتَنِعٌ غايةَ الإمتناعِ إمَّا قَدَرًا وإما شَرْعًا، قال اللهُ تعالى: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} [مريمَ: ٣٥]، يعني: مُمْتَنِعٌ غايةَ الإمتناعِ، وقال تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التَّوبةِ: ١١٣] مُمْتَنِعٌ غايةَ الإمتناعِ شَرْعًا؛ لأنَّه يجوزُ أن يستغفروا، لكنَّه حرامٌ عليهم.

وقوله: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ} هذا ممتنعٌ قَدَرًا يعني: حَسَبَ خَبَرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وإلَّا فاللهُ قادرٌ على أن يُكَلمَ على غَيْرِ هذا الوجْهِ، حَسَبَ خبرِ اللهِ يكونُ مُمْتِنعًا {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا} [الشُّورَى: ٥١] {لِبَشَرٍ} البشرُ هم الآدمِيُّونَ سُمُّوا بشرًا؛ لأنَّ بَشَرَتَهُم باديةٌ إلَّا أن يستتروا غيْرَ الآدميِّ من الحيواناتِ مستورٌ، إمَّا بالريشِ وإمَّا بالصوفِ وإمَّا بالوَبَرِ وإمَّا بالشَّعْرِ.

إمَّا بالرِّيشِ مثْلَ: الطيرِ، وإمَّا بالشَّعْرِ مثْلَ: المَعْزِ، وإمَّا بالصُّوفِ كالضَّأْنِ، وإمَّا بالوَبَرِ كالإِبِلِ. الآدميُّ لم تُسْتَرْ بَشَرَتُه؛ والحكمةُ من ذلك أنَّه إذا شَعَرَ الإنسانُ بافتقارِه إلى الكسوةِ الحِسَّيَّةِ انتقل من هذا إلى افتقارِه إلى الكسوةِ المعنويَّةِ، انظر الحكمةَ

<<  <   >  >>