للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والمعازفَ" (١). وقولُهُ: "لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ من كان قَبْلَكم اليهودِ والنصارى" (٢)، وإخبارُهُ بأن الظعينةَ تخرُجُ من كذا إلى كذا لا تخشى إلا اللهَ (٣). فهذا الإخبارُ عن الواقِعِ لا يقتضي حِلَّهُ وإِقرارَهُ.

قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ} يَبْسُطُ مَطَرَه] هكذا قال المفَسِّرُ، ولو كان المرادُ كما قال لقال: يُنَزِّلُ الغيثَ من بَعْدِ ما قَنَطُوا ويَنْشُرُه، ولكن الصوابَ: ينشرُ رَحْمَتَه؛ أي: الرحمةَ التي تَحْصُلُ بهذا الغيْثِ، من نباتِ الزرعِ، ودَرِّ الضَّرْعِ، وسَعَةِ الرزقِ، وغيرِ ذلك مما ينشأُ عن المطرِ.

وقال بعضُ العلماءِ: يَنْشُرُ رحمتُه؛ أي: يجعلُ السماءَ صحوًا حتى تَخْرُجَ الشمسُ، وفي هذا نظرٌ، اللهمَّ إلا إذا وصلتِ الأمطارُ إلى حدٍّ يُخْشَى من ضَرَرِها، فحينئذٍ يكونُ انجلاءُ الغَيْمِ، وخروجُ الشمسِ يكونُ رحمةً، أما مجرَّدُ خروجِ الشمسِ وانجلاءُ الغيْمِ فإنه ليس برحمةٍ، لكنه حِكْمَةٌ، نَعْلَمُ بأن الله تعالى يَفْعَلُ هذا لحكمةٍ وينْشُرُ رحْمَتَه، فالمسألةُ أعمُّ مما ذَكَرَ المُفسِّر.

قال المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَهُوَ الْوَلِيُّ} المُحْسِنُ للمؤمنين {الْحَمِيدُ} المحمودُ عندهم]. قولُهُ: [{وَهُوَ الْوَلِيُّ} المُحْسِنُ للمؤمنين] فَسَّرَ الوَلايةَ بالإحسانِ، والصوابُ أن الولايةَ أعمُّ، فقولُهُ: {وَهُوَ الْوَلِيُّ}؛ أي: الذي يتولَّى أمورَ عبادِهِ. وقولُهُ:


(١) أخرجه معلقًا البخاري: كتاب الأشربة، باب فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه، رقم (٥٥٩٠)، من حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب أحاديث الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، رقم (٣٤٥٦)، ومسلم: كتاب العلم، باب اتباع سنن اليهود والنصارى، رقم (٢٦٦٩)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، رقم (٣٥٩٥)، من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>