للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لم يَنْقُصْه شيءٌ دينارُه الَّذي سَلَّمَهُ له رَجَعَ إليه، وشاتُهُ الَّتي يريدُها حَصَلَتْ له، فدعا له النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بالبَرَكَةِ في بَيْعِهِ (١)، فكان لا يَشْتَرِي شيئًا إلا رَبِحَ فيه، حتَّى لو اشترى ترابًا لَرَبِحَ فيه بِبَرَكَةِ دعوةِ النَّبيِّ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلى آلِهِ وَسَلَّمَ.

وأخذ العُلَمَاءُ رَحِمَهُم اللهُ من هذه القصةِ جوازَ التَّصرُّفِ في مالِ الغَيْرِ لمصلحةٍ؛ لأنَّ عروةَ بْنَ الجَعْدِ تَصَرَّفَ، اشترى شاتين وهو مأمورٌ بشاةٍ واحدةٍ، باع واحدةً وهو لم يُؤْمَرْ بالبيعِ، لكن هذا لمصلحةِ الغَيْرِ، إلَّا أنَّه مع ذلك موقوفٌ على إجازتِهِ، فلو أنَّ هذا المتصرِّفَ قال له صاحبُه: لا أرضى بهذا التَّصرُّفِ، فإنَّه يُرَدُّ، لو عَلِمْنَا أنَّ فلانًا يريدُ أن يبيعَ بَيْتَه قد عَرَضَه للبيعِ، وجاء شخصٌ وبذل فيه مالًا كثيرًا بَذَلَ مِثْلَ قيمته مرَّتَيْن، فجاء رجلٌ تَقَدَّمَ وباعَ فإنَّه لا يجوزُ؛ لأنِّي أعرفُ أنَّ الرَّجُلَ عازمٌ على بيعِ البيتِ، وهو إذا عَزَمَ على بيعِ البيتِ سيكونُ بَيْعُه بثمنِ المِثْلِ، فإذا جاء إنسانٌ بَذَلَ أكثرَ من قيمةِ المِثْلِ مرَّتين مثلًا، وتَقَدَّمَ شخصٌ لم يوكَّلْ وباعه فالبيعُ صحيحٌ؛ لأنَّ هذا تَصَرَّفَ للغَيْرِ بما يحبُّه، لكن لو فُرِضَ أنَّ صاحبَ البيتِ قال: لا أجيزُ هذا، فحينئذٍ يُرَدُّ البيْعُ.

فيبقى إشكالٌ آخَرُ مع المشتري، المشتري يقول: أنا اشتريتُ، والموكِّلُ يقولُ: أنا لم أَرْضَ. والوكيلُ يقولُ: أنا راضٍ، فما الحلُّ؟

الجوابُ: الحلُّ إذا كان الوكيلُ قد أخبر المشتريَ بأنَّه وكيلٌ، وأنَّ البيت لفلانٍ ثمَّ قال فلانٌ وهو الموكَّلُ: أنا لا أرضى بهذا البيْعِ، فُسِخَ، وإلَّا بَقِيَ البيعُ، وضَمِن الوكيلُ ما يَطْلُبُه الموكِّلُ، واللهُ الموفِّقُ.

* * *


(١) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، رقم (٣٦٤٢)، من حديث عروة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>