للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أو بمعنى قارئٍ، أمَّا هنا فهو مَصْدرٌ، قرآنٌ مَصْدَرُ قَرَأَ، كغُفْرانٍ مَصْدَرُ غَفَرَ، وشُكْرَانٌ مَصْدَرُ شَكَرَ، إذن {قُرْآنًا} مصدرٌ، لكن هل هو بمعنى اسمِ الفاعلِ، أو بمعنى اسمِ المفعولِ، أو هو بمعناهما جميعًا؟

لنا قاعدةٌ سبقت أن الآيةَ، أو الحديثَ أيضًا إذا احْتَمَلَ معنييْن على السواءِ، ولا منافاةَ بينهما وَجَبَ أن يُحْمَلَ عليهما جميعًا، إذن قرآنٌ بمعنى قارئٍ، وقرآنٌ بمعنى مقروءٍ.

فكيف يكونُ قرآنٌ بمعنى قارئٍ؟

الجواب: (قارئ) بمعنى جامعٌ، ومنه سُمِّيَت القريةُ؛ لأنَّها تجمعُ الناسَ فيكونُ {قُرْآنًا} بمعنى قارئٍ، ولا شكَّ أن القرآنَ جامعٌ، جامعٌ لعلومِ الأوَّلِينَ والآخرين، ولكلِّ علمٍ نافعٍ، وعملٍ صالحٍ.

وهذه القاعدةُ مفيدةٌ جدًّا: إذا احتملَ النصُّ مَعْنَيَيْنِ على السواءِ ولا منافاةَ بينهما وجبَ أن يُحْمَلَ عليهما جميعًا؛ لأنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا يَعْلَمُ ماذا يَحْتَمِلُه كلامُهُ، وكذلك الرسولُ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ -؛ وهذه قاعدةٌ نافعةٌ لطالبِ العلمِ.

أما إذا تنافيا فيُطْلَبُ المرجِّحُ من دليلٍ آخَرَ.

وأما إذا كان أحدُهُما أرجحَ أُخِذَ به وتُرِكَ الآخَرُ.

فهنا ثلاثةُ أقسامٍ: أن يكونَ أحدُهُما أرجحَ فيؤْخَذُ به ويُتْرَكُ الآخرُ، أي: لا مُرَجِّحَ واللفظُ لا يَحْتَمِلُ إلا أحدَهُما، أو يَطْلُب الترجيحَ من دليلٍ آخَرَ؛ أو أن يكونَ اللفظُ يحتَمِلُهُما جميعًا فَيُحْمَلَ عليهما؛ لأنَّ ذلك أوسعُ وأشملُ.

<<  <   >  >>