للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بَشَرٌ ليس له من الأمرِ شيءٌ؛ لقولِهِ: {اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}، فالرسولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَشَرٌ لا يستطيعُ أن يَهْدِيَ أحدًا ولا أن يُحْصِيَ أعمالَ أحدٍ، لو استطاع أن يَهْدِيَ أحدًا لَهَدى عمَّه أبا طالبٍ؛ الذي كان له من الفضلِ على الدعوةِ الإسلاميَّةِ ما هو معلومٌ، لكنه لم ينفعْه إلا في شيءٍ واحدٍ، هو حقيقةٌ لَمْ يَجْزِ شيئًا أنه شَفَعَ له عندَ اللهِ، فخفَّفَ عنه العذابَ، فكان في ضحضاحٍ من نارٍ عليه نعلانِ يغلي منهما دماغُهُ (١)، ومع هذا يرى أنه أشدُّ الناسِ عذابًا؛ لأنَّه لو رأى أنه أخفُّ الناس عذابًا لهان عليه الأمرُ وتسلَّى بغيرِهِ، لكنه يرى أنه أشدُّ الناسِ عذابًا، نسألُ اللهُ العافيَةَ.

وقد أشارَ اللهُ إلى أن الإشتراكَ في العذاب يُخَفِّفُ في قولِهِ تعالى: {وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ} [الزخرف: ٣٩]، في الدنيا ينفعُ ذلك أن الإنسانَ إذا شاركه غيرُهُ، لكن في الآخرة لا يَنْفَعُ.

* * *


(١) أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار، رقم (٦٥٦٤)، ومسلم: كتاب الإيمان، باب شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي طالب، رقم (٢١٠)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>