للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذن علوُّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ينقسمُ إلى قِسْمَيْن:

علوٍّ ذاتيٍّ، وعلوٍّ وصفيٍّ، الثاني لم تختلفِ الأمةُ الإسلاميَّةُ فيه، أما الأولُ العلوُّ الذاتيُّ فانقسموا فيه إلى ثلاثِ فِرَقٍ والفرقةُ الناجيةُ - جعلني اللهُ وإياكم منهم - هم الذين أثبتوا عُلُوَّهُ بذاتِهِ جَلَّ وَعَلَا فوق كلِّ شيءٍ، لا شيءَ يحاذي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ كلُّ الخَلْقِ في قبضتِهِ، كلُّ الخَلْقِ ليس عنده بشيءٍ إذا كانت السَّمواتُ السبعُ والأرَضون السبعُ بالنسبةِ للكرسيِّ كحَلْقةٍ أُلْقِيَتْ في فَلاةٍ من الأرضِ، السَّمواتُ السبعُ على عظمِها وسعتِها، والأرَضون السبعُ بالنسبةِ للكرسيِّ كحلْقَةٍ أُلْقِيَتْ في فلاةٍ من الأرضِ، الحلْقَةُ حلْقَةُ المِغْفَرِ ضيقةٌ أُلقيتْ في فلاةٍ من الأرضِ، لا تشغلْ هذه الحلقةُ من هذه الفلاةِ شيئًا.

قال النبيُّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ -: "وإنَّ فضلَ العرشِ على الكرسيِّ كفضلِ الفلاةِ على هذه الحلْقَةِ" (١) إذنْ ماذا يكونُ الكرسيُّ بالنسبة للعرشِ؟ لا شيءَ، والربُّ عَزَّ وَجَلَّ فوق ذلك فهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فوق كلِّ شيءٍ، لا شيءَ يحاذيه، كلُّ المخلوقاتِ تحته سُبْحَانَهُ وَتَعَالى وهو فوق كلِّ شيءٍ.

إذنْ أثبتْنا هذا العلوَّ وأَطَلْنَا فيه؛ لأنَّه مُهِمٌّ؛ ولأنه يُوجَدُ الآن من يُنْكِرُهُ - نسألُ اللهَ العافيَةَ - ولا شكَّ أن هؤلاء قد أزاغ اللهُ قلوبَهُم، وإلا فلو رَجَعُوا إلى فِطْرَتِهم - الفطرةِ فقط - لَعَلِمُوا أنَّ اللهَ تعالى فوق كلِّ شيءٍ، وأن ذلك من كَمَالِهِ.

وقولُ المُفسِّر رَحِمَهُ اللَّهُ: [{الْعَلِيُّ} على خَلْقِهِ] لا نستطيعُ أن نقولَ: إن المُفسِّر أنكر العلوَّ الذاتِيَّ، ولا نستطيعُ أن نقولَ: إنه أَثْبَتَهُ قطعًا؛ لأنَّ [{الْعَلِيُّ} على خَلْقِهِ]


(١) أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم (٣٦١)، وابن بطة في الإبانة (٧/ ١٨١)، وأبو نعيم في الحلية (١/ ١٦٦)، من حديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>