الْفَائِدَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ: الرَّدُّ على الجبريَّةِ؛ لقولِهِ:{مَنْ يُنِيبُ} فأضاف الفعلَ إلى العبْدِ، والجبريَّةُ لا يُضِيفونَ الأفعالَ إلى العبْدِ، يقولون: إن العبْدَ يَفْعَلُ بغيرِ إرادةٍ ولا اختيارٍ.
ففي الآيةِ إذن: ردٌّ على القَدَريَّةِ وردٌّ على الجبريَّةِ، وهما طائفتان مُبْتَدِعَتان مُتَطَرِّفَتان، والمذهبُ الوسطُ هو الذي يَقُولُ: إنَّ الإنسانَ لا يُجْبَرُ على عملِه، وأنه يفعلُ الفعلَ باختيارِه، ولا يَشْعُرُ أنَّ أحدًا أَجْبَرَهُ، لكننا نَعْلَمُ أن هذا الفعلَ الذي وَقَعَ منه واقعٌ بمشيئةِ اللهِ وإرادةِ اللهِ، ولا يُمْكِنُ أن يستقلَّ الإنسانُ بشيءٍ في الكَوْنِ من دونِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.