للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أوَّلِ أَمْرِها، وفي آخِرِ أمْرِها، كالمنسوخِ في هذه الشريعةِ الإسلاميَّةِ.

فإن قال قائلٌ: هل شَرْعُ من قَبْلَنا شرعٌ لَنا؟

فالجوابُ: هذا فيه خلافٌ، بعضُ العلماءِ يقولُ: شرعُ من قَبْلَنا شرْعٌ لنا، وبعضُهُم يقولُ: لا، شرعُ من قَبْلَنا لهم، ولنا شَرْعُنا؛ لقولِهِ: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدةِ: ٤٨]، والمسألةُ لها ذيولٌ طويلةٌ، وبحوثٌ عميقةٌ في أصولِ الفقهِ، والظاهرُ لي: أنَّ شَرْعَ من قَبْلَنا الذي أوحاه اللهُ إلينا شرعٌ لنا؛ لأنَّ اللهَ تعالى لم يُوحِ إلينا عبثًا، بل لنَعْتَبرْ ثم إنْ نُسِخَ في شريعَتِنا نُسِخَ، ولذلك تَجِدُ العلماءَ يستنبطون أحكامًا كثيرةً من قصصِ الأنبياءِ، ولشيخِنا رَحِمَهُ اللَّهُ فوائدُ مستنبَطةٌ من قِصَّةِ يوسُفَ عَلَيْهِ السَّلام في رسالة.

فإن قال قائلٌ: هل النَّسْخُ شاملٌ لكلِّ أمةٍ سابقةٍ، أو هو خاصٌّ لأمَّةِ محمدٍ؟

فالجوابُ: لا، بل لنا ولغيرِنا، قالَ اللهِ تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ} [النساءِ: ١٦٠]، هذا نَسْخٌ؛ كانت هذه الطَّيِّباتُ حلالًا ثم نُسِخَتْ وحُرِّمَتْ والشريعةُ واحدةٌ، أما الشريعتان فقال عيسى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لبني إسرائيلَ: {وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ} [آلِ عمرانَ: ٥٠].

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إثباتُ نبوَّةِ نوحٍ وإبراهيمَ وموسى وعيسى عليهم السلام؛ لقولِهِ تعالى: {مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: عنايةُ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بالشرائعِ؛ حيث جعل ذلك وصيَّةً، والوصيَّةُ هي العهدُ بالشيءِ المهتمِّ به.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ هذا القرآنَ الكريمَ وحيٌ أوحاه اللهُ تعالى إلى رسولِهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ لقولِهِ: {وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}.

<<  <   >  >>