للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأثرُ المترتِّبُ على ذلك، فمثلًا: السميعُ يتضمنُ إثباتَ اسمِ السميعِ للهِ، وإثباتَ السمعِ له، والصفةُ معنًى زائدٌ على الذاتِ، والثَّالث: أنه يسمعُ كُلَّ شيءٍ.

وفي (الحكيمُ) نقولُ كذلك، إثباتُ الحكيمِ اسمًا للهِ، والثاني: إثباتُ الحكمةِ على أَحَدِ المعنييْن، وإثباتُ الحُكمِ على المعنى الآخرِ، والثالثُ: أن اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يَحْكُمُ بَيْنَ العبادِ، ويَحْكُمُ في العبادِ.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: كمالُ عزَّتِه وكمالُ حِكمتِه؛ لأنَّ اللهَ قَرَنَ بَيْنَ العزيزِ والحكيمِ؛ إشارةً إلى أن عِزَّتَهُ وغَلَبَتُه مبنيّةٌ على الحكمةِ.

فعزةُ المخلوقِ قد تُوجِبُ أن يتصرَّفَ تصرفًا سفيهًا، كما في قولِهِ تبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ} [البقرة: ٢٠٦]، فهنا صار له عِزَّةٌ لكنها لم تنفعْه؛ لأنَّها ليستْ مقرونة بالحكمةِ.

كذلك أيضًا حِكمةُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ مقرونةٌ بعزَّتِه؛ لأنَّ الحكيمَ قد يكونُ خوَّارًا ليس عنده غَلَبةٌ فيَفُوتُه شيءٌ كثيرٌ، ويَفُوتُهُ الحزمُ من أجْلِ أنه يقولُ: إن ذلك هو الحكمةُ، لكنَّ حكمةَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مقرونةٌ بعزَّتِه؛ ولهذا نحن نستفيدُ الآنَ من قَرْنِ الأسماءِ بعضِها ببعضٍ، نستفيدُ بذلك معنًى زائدًا على ما نستفيدُهُ من مُجَرَّدِ الإسمِ.

الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: أنَّ الشرائعَ التي أُوحيتْ إلى الرُّسُلِ عزةٌ وحكمةٌ، قال اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨]، وقال اللهُ تعالى: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء: ١١٣]، فمن تَمَسَّكَ بهذه الشرائعِ نال الأمْرَيْنِ جميعًا، وهما مجتمعانِ وهما: العزةُ والحكمةُ والحُكمُ أيضًا.

* * *

<<  <   >  >>