للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بل أقولُ: إن الكافرَ آثمٌ حتى في المباحِ، الآن الكافرُ يأكلُ ويشربُ وآمِنٌ ويلبَسُ وكلُّ شيءٍ كلُّ نعمةٍ فإنه معاقَبٌ عليها، زيادةً على عقوبةِ الكفرِ {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (١٩٦) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ} [آل عمرانَ: ١٩٦ - ١٩٧]، وإذا سُئِلَ أصحابُ النارِ {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدَّثرِ: ٤٢ - ٤٧]، إذن فَهُمْ آثمون، وقال عَزَّ وَجَلَّ: {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدةِ: ٩٣] وغيرهم عليهم جناحٌ، قال عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعرافِ: ٣٢] للذين آمنوا، وغيرِ الذين آمنوا ليست لهم ولا خالصة لهم يومَ القيامةِ.

انتبهوا: الكافِرُ عدُوُّ اللهِ، ولو ساوت الدنيا جناحَ بعوضةٍ عند اللهِ ما سقى منها كافرًا شربةَ ماءٍ، فهم إذا أكلوا، أو شربوا، أو أَمِنُوا، أو صحوا، أو أي نعمةٍ تصيبُهُم فإنهم معاقبون عليها.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الإشارةُ إلى لطفِ الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى حيث قال {عَنْ عِبَادِهِ} يعني: كأنه - والله أعلمُ - لما كانوا عبيدًا له عامَلَهُم بالرفقِ والعفوِ والتوبةِ.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أن الله إذا تاب على العبدِ عفا عن سيئاتِهِ مهما عظمت؛ لقولِهِ: {وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}.

الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: إثباتُ عمومِ علمِ الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لكلِّ ما نفعَلُ؛ لقولِهِ تعالى: {وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ} يتفرعُ على هذه الفائدةِ التحذيرُ من المخالفةِ؛ وجْهُ ذلك: {وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}؛ يعني: فاحذروا أن تفعلوا شيئًا يُغْضِبُه فإنه عالمٌ بكم.

<<  <   >  >>