للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المُهِمُّ أن المفسِّر رَحِمَهُ اللهُ يرى أنَّ الفواحشَ هي موجِباتُ الحدودِ، قال: [وهو من عطفِ البعضِ على الكلِّ]؛ لأنَّ الفواحشَ بعضُ كبائِرِ الإثْمِ، فهو من بابِ عطفِ البعضِ على الكُلِّ، وهذا يقعُ كثيرًا عطفُ البعضِ على الكلِّ، كما أنَّه يَقَعُ أحيانًا عَطْفُ الكلِّ على البعضِ فقولُ اللهِ تعالى: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} [القَدْرِ: ٤] هذا من بابِ عطفِ البعضِ على الكُلِّ، وإذا قلتَ: أَكْرِمْ زيدًا والطَّلبةَ، وهو منهم، فهو من بابِ عطفِ الكلِّ على البعضِ، وتخصيصُ بعضِ الأفرادِ بكونِهِ معطوفًا أو معطوفًا عليه يَدُلُّ على العنايةِ به والإهتمامِ به.

قولُهُ: {وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} (مَا) هنا زائدةٌ في الإعرابِ، وأمَّا في المعنى فهي للتَّوكيدِ، وأقولُ:

يا طالبًا خذْ فائدهْ ... (ما) بعد (إذا) زائدهْ

يعني: كلَّما أتتك (مَا) بعد (إذا) فهي زائدةٌ، كهذه الآيةِ {وَإِذَا مَا غَضِبُوا} المعنى وإذا غضبوا، وكقولِهِ تعالى: {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ} [فُصِّلَت: ٢٠]؛ أي: حتَّى إذا جاؤوها، فخذ هذه الفائدةَ.

و(ما) من أوسعِ الحروفِ معنًى؛ لأنَّ لها عَشَرَةَ معانٍ أو أَكْثَرَ جُمِعَتْ في قولِ النَّاظِمِ:

محاملُ (ما) عشرٌ إذا رُمْتَ عَدَّها ... فحافظْ على بيتٍ سليمٍ من الشِّعرِ

ستفهمُ شرطَ الوصْلِ فاعجبْ لنُكْرِها ... بِكفٍّ ونفْيٍ زِيدَ تعظيمُ مَصْدَرِ

(سَتَفْهَمُ) إشارةٌ إلى (مَا) الإستفهاميَّةِ، (شرطٌ) إشارةٌ إلى (مَا) الشَّرْطِيَّةِ، (الوصْلُ) إشارةٌ إلى (مَا) الموصولةِ، (فاعجبْ) إشارةٌ إلى (ما) التعجبيَّةِ مِثْلَ أن

<<  <   >  >>