للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن لو قال قائلٌ: هل الإصرارُ على الصَّغائِرِ يُحَوِّلُهَا إلى كبائِرَ؟

فالجوابُ: نعم، هذا المشهورُ عند أهْلِ العِلْمِ أنَّ الإصرارَ على الصَّغيرةِ كبيرةٌ، لكنَّهم لا يقولون: إنَّ الصَّغيرةَ تكُونَ كبيرةً، يقولون: إنَّ إصرارَ الإنسانِ على المعصيةِ يَدُلُّ على استخفافِهِ بشريعةِ اللهِ وعدمِ مبالاتِهِ بها، فمن هنا صار الإصرارُ كبيرةً، وليس المعنى أن الصَّغيرةَ تَنْقَلِبُ كبيرةً، لكن لمَّا كان الإصرارُ يَدُلُّ على استخفافِ الإنسانِ بشريعةِ اللهِ صار هذا كبيرةً من أجْلِ الإستخفافِ.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أنَّ من صفاتِ الَّذين آمنوا وعلى رَبِّهِم يَتَوَكَّلون أنَّهم إذا غَضِبُوا غَفَرُوا، والغضبُ وَصَفَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ بأنه جمرةٌ يلقيها الشَّيطانُ في قلْبِ الإنسانِ، فيفورُ دَمُه وتنتفخُ أوداجُه (١)، أمَّا المتكلِّمون فيقولون: إنَّ الغضبَ غليانُ دمِ القلبِ لمحبَّةِ الإنتقامِ، وما ذكره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - خيرٌ أنَّه جمرةٌ يُلْقِيها الشَّيطانُ، ولذلك تَجِدُ الرجُلَ إذا غَضِبَ يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفًا سيئًا لا يَحْمَدُهُ هو إذا سَكَنَ غَضَبُه.

الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: أنه ينبغي للإنسانِ عند الغضبِ أن يَكْظِمَ غَيْظَهُ، وقد طَلَبَ أحدُ الصَّحابةِ من النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ أن يُوصِيَهُ فقال: "لَا تَغْضَبْ" فردَّدَ مرارًا فقال: "لَا تَغْضَبْ" (٢).

* * *


(١) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ١٩)، والترمذي: كتاب الفتن، باب ما جاء ما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بما هو كائن، رقم (٢١٩١)، من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب: الحذر من الغضب، رقم (٦١١٦)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>