للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

البغْيِ وبين القوْلِ بغيْرِ الحقِّ؛ فقال: [يعملون] من أجْلِ أن يَكُونَ الفِعْلُ يبغون له معنًى مستقلٌّ، وبغيْرِ الحقِّ له معنًى مستقلٌّ؛ والصَّوابُ: إبقاءُ الآيةِ على ظاهِرِهَا، ومعنى (يبغون): أي: يعتدون، من بغى على غيْرِه؛ أي: اعتدى عليه، قال اللهُ تعالى: {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ}.

فقولُهُ: {وَيَبْغُونَ} معناها: يعتدون على غيْرِهم، ويتجاوزون حَدَّهم في معامَلَتِهم؛ ويكونُ قولُهُ: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} صفةً كاشفةً تُبَيِّنُ أنَّ كلَّ بَغْيٍ فهو بغيرِ حقٍّ؛ فإبقاءُ النَّصِّ القرآنيِّ على ظاهِرِهِ هو الواجبُ، لا سيَّما أنَّ هذا التَّفسيرَ يَجْعَلُه قاصرًا.

إذن: {وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: يعتدون فيها ويتجاوزون الحَدَّ {بِغَيْرِ الْحَقِّ} بيانٌ للواقِعِ؛ فهو صفةٌ كاشفةٌ إذ إنَّ كلَّ بَغْيٍ فإنَّه بغيْرِ حقٍّ.

والصِّفةُ الكاشفةُ معناها أنَّها كالتَّعليلِ لما سبق، وأيضًا ليس لها مفهومٌ، وهذا هو المُهِمُّ.

وقولُهُ: {بِغَيْرِ الْحَقِّ} فَسَّرَها بأنَّها المعاصي، ونعم المعاصي كُلُّهَا بغيْرِ حَقٍّ؛ لكن لا تفهمْ من هذا أنَّ ذلك خاصٌّ بحقِّ اللهِ، بل هو عامٌّ في حقِّ اللهِ وغيْرِهِ؛ فالبغْيُ في حقِّ اللهِ مُحَرَّمٌ، وكذلك البغْيُ في حقِّ الآدميِّ.

وقوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} المشارُ إليه الَّذين يَظْلِمون النَّاسَ وَيبْغُون في الأرضِ بغيْرِ الحقِّ {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} أي: مؤلِمٌ، والإيلامُ بمعنى: الإيجاعِ؛ أي: أَنَّه مُوجِعٌ.

<<  <   >  >>