للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكيف إذًا يُحتج بمثل هذه الأحاديث المتروكة، وتُقدم على أحاديث البخاري؟! أليس هذا هو غاية الجهل والتعصب؟ بل إن من عنده أولويات هذا العلم الشريف يعلم يقينًا أنه لا يجوز الاحتجاج بمثل هذه الأحاديث الباطلة، فضلًا عن أن يطلق عليها: أحاديث صحيحة ومتواترة.

٣ - استدل صاحب الرسالة على صحة هذه الأحاديث المخالفة لحديث عائشة - رضي الله عنها - بمجيئها من طريق آل البيت، وذلك في قوله: إن حديث عائشة - رضي الله عنها - «يخالف الأحاديث الصحيحة والمتواترة التي جاءت عن طريق آل البيت الأطهار».

وهنا أسأل: هل أيها العلماء المنصفون كل ما جاء عن طريق آل البيت يكون صحيحًا؟ أليس من المحتمل أن يكون في الإسناد إليهم كذاب أو ضعيف أو أي علة أخرى تمنع من قبوله؟ بلى وربّي.

لكن صاحب الرسالة -وهو ذو منهج في الحديث متميز، نسف به جميع قواعد المحدثين- يعتبر أن كل ما جاء عن طريق آل البيت صحيح وحجة، سواء رُوي بسند أو بدون سند، وسواء صح الإسناد إليهم أو لم يصح. وحسبه -كما يقول-: أنه جاء عنهم، وحسبه: أنه رُوي في "نهج البلاغة" الذي هو مرجع آل البيت وموئلهم. فما هو "نهج البلاغة" هذا؟ ومن هو مؤلفه؟

ثالثًا: عزا صاحب الرسالة الأحاديث والآثار التي عارض بها حديث عائشة إلى كتاب "نهج البلاغة". وأقول: كتاب "نهج البلاغة" يحتوي على الكلام المنسوب إلى سيدنا علي - رضي الله عنه -. وكتاب "نهج البلاغة" هذا:

١ - خال من الإسناد تمامًا، وعريٌ من أي مصدر. وقد جمعه الشريف الرضي، وقيل: بل جمعه أخوه الشريف المرتضى (١). ورجح الثاني الإمام الذهبي (٢).


(١) قال الذهبي في ترجمة "الشريف المرتضى": «وقد اختلف في كتاب "نهج البلاغة" المكذوب على علي - عليه السلام - هل هو وضعه أو وضع أخيه الرضي». تاريخ الإسلام للذهبي (٩/ ٥٥٨)، ترجمة: علي بن الحسين بن موسى الشريف أبو طالب العلوي الموسوي نقيب الطالبيين ببغداد المعروف بالشريف المرتضى ذو المجدين، رقم الترجمة (١٨١).
(٢) قال الذهبي في ترجمة "الشريف المرتضى": «هو جامع كتاب "نهج البلاغة" المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي - رضي الله عنه -»، إلى أن قال: «وقيل: بل جَمْعُ أخيه الشريف الرضي». سير أعلام النبلاء للذهبي (١٧/ ٥٨٩)، ترجمة: المرتضى علي بن حسين بن موسى القرشي، رقم الترجمة (٣٩٤).

<<  <   >  >>