للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيًّا كان جامعه فكتاب مثل هذا بلا إسناد وبينه وبين علي - رضي الله عنه - أربعة قرون تنقطع فيها أعناق المطي كافية في الحكم عليه بعدم الصحة.

والإسناد عند العلماء جميعًا من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، كما قال عبد الله بن المبارك (١). ولذلك أجمعوا ألا يرووا حديثًا إلا بإسناد، ولا يقبلوه إلا إذا كان ثابتًا. هذا أمر.

٢ - أمر آخر اشتمل عليه كتاب "نهج البلاغة" يحط من قيمته ويقوي الاعتقاد ببطلانه، وهو:

أ- ما احتوى عليه من سب الصحابة - رضي الله عنهم - والتعريض بهم في غير موضع.

ب- ما فيه كذلك من دقة الوصف وغرابة التصوير ما لم يكن معروفًا في آثار الصدر الأول الإسلامي.

ج- أنه يطوي في جنباته كثيرًا من المصطلحات التي لم يتداولها الناس بعد أن شاعت علوم الحكمة، كـ: الأين، والكيف، إلى ما فيه من لغات علم الكلام وأبحاث الرؤية الإلهية، والحد، وكلام الخالق، وما لم يكن معهودًا كذلك من التقسيمات الرياضية.

د- ما فيه من ادعاء المعرفة بالغيبيات. وهو الأمر الذي يجل قدر أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - وإيمانه الصريح الخالص عن التلبس به أو اصطناعه (٢).

وقد كشف الإمام الذهبي حقيقة هذا الكتاب عند ترجمته لمؤلفه الشريف المرتضى، فقد ترجم له بقوله: «على بن الحسين العلوي الحسينى الشريف المرتضى، المتكلم، الرافضي المعتزلي، صاحب التصانيف» (٣).

وقال أيضًا: «وهو المتهم بوضع كتاب "نهج البلاغة"، وله مشاركة قوية في العلوم، ومن طالع كتابه "نهج البلاغة" جزم بأنه مكذوب على أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -؛ ففيه السب الصراح والحط على السيدين: أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، وفيه من التناقض والأشياء الركيكة والعبارات التي من له معرفة بنَفَس القرشيين الصحابة وبنَفَس غيرهم ممن بعدهم من المتأخرين جزم بأن الكتاب أكثره باطل» (٤).


(١) قال عبد الله بن المبارك: «الْإِسْنَادُ مِنَ الدِّينِ، وَلَوْلَا الْإِسْنَادُ لَقَالَ مَنْ شَاءَ مَا شَاءَ». صحيح مسلم. وقد تقدم.
(٢) انظر: مع الاثني عشرية في الأصول والفروع للدكتور/ علي السالوس (ص:٢١٨).
(٣) ميزان الاعتدال للذهبي (٣/ ١٢٤)، ترجمة: على بن الحسين العلوي الحسيني الشريف المرتضى، رقم الترجمة (٥٨٢٧).
(٤) نفس المصدر السابق.

<<  <   >  >>