للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضًا في موضع آخر: «هو جامع كتاب "نهج البلاغة" المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي - رضي الله عنه -، ولا أسانيد لذلك، وبعضها باطل، وفيه حق، ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها، ولكن أين المنصف؟ وقيل: بل جَمْعُ أخيه الشريف الرضي» (١).

وهذا الكتاب أيها العقلاء المنصفون مع أن هذا حاله يعتبره الرافضة أصح من "صحيح البخاري"! ويقولون عنه بأنه المعين الصافي والبلسم الشافي والكلام الوافي لكافة العلماء والبلغاء والفصحاء والخطباء! فلا يستغني عنه عندهم إلا متساهل، ولا يقدح في صحته إلا ناصبي جاهل؟!

فمن يا تُرى المتساهل الجاهل؟ الذي يقيم دعواه على علم وبينة أم الذي يقيمها على جهل وعصبية؟

ومن يا تُراه الناصبي؟ أهو الذي يكره كافة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى نفر من آل البيت -كما هو حال الرافضة- أم الذي يحب جميع أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بمن فيهم آل البيت الكرام من غير إفراط ولا تفريط، كما هو حال أهل السُّنَّة والجماعة (٢)؟


(١) سير أعلام النبلاء للذهبي (١٧/ ٥٨٩)، ترجمة: المرتضى علي بن حسين بن موسى القرشي، رقم الترجمة (٣٩٤).
(٢) مذهب أهل السنة والجماعة تولي ومحبة أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جميعًا. وممن ذكر مذهبهم في ذلك:
١ - ابن قدامة، حيث قال: «ومن السُّنَّة تولي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحبتهم وذكر محاسنهم، والترحم عليهم والاستغفار لهم، والكف عن ذكر مساوئهم وما شجر بينهم، واعتقاد فضلهم ومعرفة سابقتهم، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا} [الحشر:١٠]، وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ} [الفتح:٢٩]. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَأِنَّ أَحَدَكُمْ لَوْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ). لمعة الاعتقاد لابن قدامة (ص:٣٩). وقد تقدم.
وحديث: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي)، الحديث أخرجه في: صحيح البخاري وصحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -. وقد تقدم.
٢ - ابن تيمية، حيث قال: «ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب محمد الله - صلى الله عليه وسلم -، كما وصفهم الله به في قوله: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (١٠)} [الحشر:١٠]. وطاعة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ)». العقيدة الواسطية لابن تيمية (ص:١١٥).
وقال أيضًا مبينًا تبرؤ أهل السنة والجماعة مما يقوله المبتدعة في حق الصحابة وأهل البيت: «ويتبرؤون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل، ويمسكون عما شجر بين الصحابة». العقيدة الواسطية لابن تيمية (ص:١١٩ - ١٢٠). قد تقدم.

<<  <   >  >>