للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَقَالَ الْخَطِيْب: ((هُوَ منكر جداً من حديثه)) (١).

وَقَدْ أفاض الْحَاكِم في بيان علة الْحَدِيْث في فصل ممتع، فَقَالَ: ((هَذَا حديث رواته أئمة ثقات وَهُوَ شاذ الإسناد والمتن لا نعرف لَهُ علة نعلله بِهَا، وَلَوْ كَانَ الْحَدِيْث عِنْدَ الليث، عن أبي الزبير، عن أبي الطفيل لعللنا بِهِ الْحَدِيْث، وَلَوْ كَانَ عِنْدَ يزيد بن أبي حبيب عن أبي الزبير لعللنا بِهِ، فلما لَمْ نجد لَهُ العلتين خرج عن أن يَكُوْن معلولاً، ثُمَّ نظرنا فَلَمْ نجد ليزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل رِوَايَة، ولا وجدنا هَذَا الْمَتْن بهذه السياقة عِنْدَ أحد من أصحاب أبي الطفيل، ولا عِنْدَ أحد ممن رَوَاهُ عن معاذ بن جبل عن أبي الطفيل، فقلنا الْحَدِيْث شاذ)) (٢).

وَقَالَ أبو حاتم: ((كتبت عن قتيبة حديثاً، عن الليث بن سعد لَمْ أصبه بمصر عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، عن معاذ، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه كَانَ في سفر فجمع بَيْنَ الصلاتين)) ثُمَّ قَالَ: ((لا أعرفه من حَدِيْث يزيد والذي عندي أنه دخل لَهُ حَدِيْث في حَدِيْث)) (٣).

وأكثر العلماء قلّدوا الْحَاكِم في تشخيص سبب النكارة، وَهُوَ أن خالداً المدائني أدخل الْحَدِيْث عَلَى الليث بن سعد، فسمعه قتيبة من الليث وَهُوَ ليس من حديثه (٤).

ورد الإمام الذهبي هَذَا القَوْل، فَقَالَ: ((هَذَا التقرير يؤدي إلى أن الليث كَانَ يقبل التلقين، ويروي ما لَمْ يَسْمَع، وما كَانَ كذلك. بَلْ كَانَ حجة متثبتاً، وإنما الغفلة وقعت فِيْهِ من قتيبة، وَكَانَ شيخ صدق، قَدْ رَوَى نحواً من مئة ألفٍ، فيغتفر لَهُ الخطأ في حَدِيْث واحدٍ)) (٥).

وَقَالَ أَيْضاً: ((ما علمتهم نقموا عَلَى قتيبة سوى ذَلِكَ الْحَدِيْث المعروف في الجمع في السفر)) (٦).

والأصوب - والله أعلم - التعليل بما قاله أبو حاتم، من أن قتيبة دخل لَهُ حَدِيْث الليث، عن هشام بن سعد، عن أبي الزبير، فظنه حَدِيْث الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن أبي الطفيل، وحمل متن حَدِيْث هشام فنسبه إلى رِوَايَة يزيد.

ولهذا صرح غَيْر واحد من أئمة الْحَدِيْث أنه لَمْ يصح في جمع التقديم شيء،


(١) تاريخ بغداد ١٢/ ٤٦٧.
(٢) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: ١٢٠.
(٣) علل الْحَدِيْث ١/ ٩١ (٢٤٥).
(٤) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث: ١٢٠ - ١٢١، وتاريخ بغداد ١٢/ ٤٦٦.
(٥) سير أعلام النبلاء ١١/ ٢٤.
(٦) سير أعلام النبلاء ١١/ ٢٠.

<<  <   >  >>