للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عدّوه من المتواتر (١).

فالراجح من ناحية النظر والدليل: ماذهب إِلَيْهِ جمهور الْعُلَمَاء، لذا قَالَ ابن جَمَاعَة: ((والصحيح الَّذِي عَلَيْهِ أَئِمَّة الْحَدِيْث أو جمهورهم، أن خبر الواحدالعدل المتصل في جَمِيْع ذَلِكَ مقبول وراجح عَلَى القياس المعارض لَهُ، وبه قَالَ الشَّافِعِيّ وأحمد ابن حنبل وغيرهما من أَئِمَّة الْحَدِيْث والفقه والأصول - رضي الله عنهم -)) (٢).

غَيْر أن هَذَا الاختلاف في المواقف بشأن مخالفة خبر الواحد للقياس تَرَكَ أثراً في الإستنباطات الفقهية نلمسها جلية في الأمثلة الآتية:

[النموذج الأول: الانتفاع بالعين المرهونة]

اختلف الْعُلَمَاء في العين المرهونة، هَلْ يجوز الانتفاع بِهَا؟ عَلَى قولين:

الأول: يجوز للمرتهن الانتفاع بالعين المرهونة إذا كَانَت مركوباً أو محلوباً، أذِن الراهن أم لَمْ يأذن.

وبه قَالَ إسحاق (٣)، والحنابلة (٤)، والظاهرية (٥).

الثاني: لا يجوز الانتفاع بالعين المرهونة وبه قَالَ جمهور الفقهاء، عَلَى تفصيل مختلف بَيْنَهُمْ عَلَى النحو الآتي:

١ - قَالَ الحنفية: لَيْسَ للراهن ولا المرتهن الانتفاع بالمرهون مطلقاً، لا بالسكنى ولا بالركوب ولا بغيرهما، إلا بإذن كُلّ مِنْهُمَا للآخر.

وفي قَوْل لَهُمْ: لا يجوز الانتفاع للمرتهن ولو أذن الراهن؛ لأنَّهُ ربا.

وَلَهمْ قَوْل آخر: إنْ شَرَطَهُ في العقد كَانَ رباً، وإلا جاز للمرتهن الانتفاع بإذن الراهن (٦).

٢ - قَالَ المالكية: ما ينتج عن المرهون ملك للراهن، والمرتهن نائب عَنْهُ في


=
٣٧٧ - ، والتقريب (٣٣٣١)، وحديثه عِنْدَ الطبراني في الأوسط ١/ ٢٣٦ (٣٦٤) بتحقيق الطحان.
(١). انظر: نظم المتناثر: ٧٩ (٣٥).
(٢) المنهل الروي: ٣٢، وانظر: أسباب اختلاف الفقهاء: ٢٩٢.
(٣) الجامع الكبير للترمذي عقب (١٢٥٤).
(٤) المغني ٤/ ٤٣٢، والمقنع: ١١٨، والمحرر ١/ ٣٣٦، وكشاف القناع ٣/ ٣٤٢.
(٥) المحلى ٨/ ٨٩.
(٦) بدائع الصنائع ٦/ ١٤٦، وشرح فتح القدير ٨/ ٢٠١، وتبيين الحقائق ٦/ ٦٧، وحاشية الطحطاوي عَلَى مراقي الفلاح ٤/ ٢٣٦، وحاشية ابن عابدين ٥/ ٣١٠.

<<  <   >  >>