كتاب أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء

نموذج آخر: وهو مثال لما تترجح فيه الرواية الموقوفة - أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء (حكم قراءة القرآن للجنب) - ص: 253

شريك ابن عَبْد الله النخعي. والدارقطني (١)، عن يزيد بن هارون (٢). والبيهقي (٣)، عن الحَسَن بن صالح بن حي. وأخرجه البَيْهَقِيّ (٤) أيضاً، عن خالد بن عَبْد الله (٥)؛ أربعتهم: (شريك بن عَبْد الله، ويزيد بن هارون، والحسن بن صالح بن حي، وخالد بن عَبْد الله)، رووه عن عامر بن السمط (٦)، عن أبي الغَريف الهمداني، عن عَلِيّ بن أبي طَالِب، موقوفاً.

فرواية الجمع أصح وأولى؛ وَقَدْ صحح الإمام الدَّارَقُطْنِيّ الوقف، فَقَالَ عقب الرِّوَايَة الموقوفة: ((هُوَ صَحِيْح عن عَلِيّ)) (٧).

ومما يؤكد صِحَّة رِوَايَة الجمع أن عَبْد الرزاق (٨) أخرجه عن سُفْيَان الثَّوْرِيّ، عن عامر الشَّعْبيّ، وابن المنذر (٩) أخرجه عن إسحاق، عن عامر السعدي؛ كلاهما (عامر الشَّعْبيّ وعامر السعدي) عن أبي الغريف، عن عَلِيّ بن أبي طالب، بِهِ موقوفاً.

كُلّ هَذَا يؤكد خطأ عائذ بن حبيب في رفعه الحَدِيْث؛ ولعل هَذَا مِمَّا أنكر عَلَيْهِ.

أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (حكم قِرَاءة القُرْآن للجنب)

اختلف العُلَمَاء في حكم قِرَاءة القُرْآن للجنب عَلَى قولين:

القَوْل الأول:

يحرم عَلَى الجنب قِرَاءة القُرْآن، وَهُوَ مَذْهَب عامة عُلَمَاء المسلمين، وبه قَالَ الحنفية (١٠)، والمالكية (١١)، والشافعية (١٢)،

---

(١) سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ ١/ ٢٠٠، وهذه الرِّوَايَة في إتحاف المهرة ١١/ ٦٨٦ (١٤٨٦٨).
(٢) هو أبو خالد السلمي يزيد بن هارون بن زاذي مولاهم الواسطي: ثقة، ولد سنة (١١٨هـ‍)، وتوفي سنة (٢٠٦هـ‍). طبقات ابن سعد ٧/ ٣١٤، وسير أعلام النبلاء ٩/ ٣٥٨ و ٣٧١، وشذرات الذهب ٢/ ١٦.
(٣) السُّنَن الكبرى ١/ ١٠١.
(٤) السُّنَن الكبرى ١/ ٩٠.
(٥) هُوَ خالد بن عَبْد الله بن عَبْد الرَّحْمَان الطحان الواسطي، المزني مولاهم: ثقة ثبت، توفي سُنَّةُ (١٨٢هـ‍).
تهذيب الكمال ٢/ ٣٥١ - ٣٥٢ (١٦٠٩)، والتقريب (١٦٤٧).
(٦) هو أبو كنانة الكوفي عامر بن السمط، ويقال: ابن السبط التميمي السعدي: ثقة.
الثقات ٧/ ٢٥١، وتهذيب الكمال ٤/ ٢٧ (٣٠٢٧)، والتقريب (٣٠٩١).
(٧) سُنَن الدَّارَقُطْنِيّ ١/ ١١٨.
(٨) المصنف (١٣٠٦).
(٩) في الأوسط ٢/ ٩٧.
(١٠) انظر: بدائع الصنائع ١/ ٣٧، والاختيار ١/ ١٣، وفتح القدير ١/ ١١٦، والدر المختار ١/ ١٧٢.
(١١) وَهُوَ مَشْهُور مذهبهم، وروي عن الإمام مَالِك في المختصر أَنَّهُ قَالَ: ((للجنب أن يقرأ القليل والكثير)). انظر: حاشية الرهوني ١/ ٢٢٢، وشرح منح الجليل ١/ ٧٨.
(١٢) انظر: الحاوي ١/ ١٧٧ - ١٧٨، والمجموع ٢/ ١٦٣ - ١٦٤، وروضة الطالبين ١/ ٨٥، وحاشية
=