للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قَالَ الْحَاكِم: ((هَذَا ثابت بن موسى الزاهد دخل عَلَى شريك بن عَبْد الله القاضي والمستملي بَيْنَ يديه، وشريك يقول: حَدَّثَنَا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يذكر الْمَتْن، فلما نظر إلى ثابت بن موسى قَالَ: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار. وإنما أراد بِذَلِكَ ثابت بن موسى لزهده وورعه، فظن ثابت بن موسى أنه رَوَى الْحَدِيْث مرفوعاً بهذا الإسناد، فكان ثابت بن موسى يحدِّث بِهِ عن شريك، عن الأعمش، عن أَبِي سفيان، عن جابر، وليس لهذا الْحَدِيْث أصل إلا من

هَذَا الوجه، وعن قوم من المجروحين سرقوه من ثابت بن موسى فرووه عن شريك)) (١).

قَالَ الحافظ العراقي: ((فعلى هَذَا هُوَ من أقسام المدرج)) (٢).

المطلب الثالث

أسباب وقوع الإدراج

إن الباعث للراوي عَلَى الإدراج يختلف من شخص لآخر، ومن حَدِيْث إلى حَدِيْث غيره، ما بَيْنَ بيان لتفسير كلمة، أَوْ استنباط لحكم، أَوْ قلة ضبط.

ويمكننا أن نجمل سبب وقوع الإدراج فِيْمَا يأتي (٣):

١ - أن يريد الرَّاوِي تفسير بعض الألفاظ الغريبة الواردة في متن الْحَدِيْث، فيحملها عَنْهُ بعض الرُّوَاة من غَيْر تفصيل لتفسير تِلْكَ الألفاظ.

مثاله: حَدِيْث عقيل (٤)، عن ابن شهاب الزهري، عن عروة بن الزبير، عن عائشة أم المؤمنين في قصة بدء الوحي، وفيه: ((وَكَانَ يخلو بغار حراء فيتحنث فِيْهِ، وَهُوَ التعبد ...)) (٥).

فقوله: ((وَهُوَ التعبد)) مدرج من كلام الزهري في الْحَدِيْث (٦).


(١) المدخل إلى الإكليل: ٥٥.
(٢) شرح التبصرة والتذكرة ١/ ٤٣٠.
(٣) انظر: تدريب الرَّاوِي ١/ ٢٧٠، وفتح القادر المغيث الورقة ٧٣ - ٧٤.
(٤) هُوَ عقيل - بالضم - بن خالد بن عقيل الأيلي، أبو خالد الأموي مولاهم: ثقة ثبت، توفي سنة
(١٤٤ هـ‍)، وَقِيْلَ: (١٤٢ هـ‍)، وَقِيْلَ: (١٤١ هـ‍).
تهذيب الكمال ٥/ ٢٠٥ (٤٥٩٠)، والكاشف ٢/ ٣٢ (٣٨٦٠)، والتقريب (٤٦٦٥).
(٥) رَوَاهُ: عَبْد الرزاق (٩٧١٩)، وأحمد ٢/ ٢٣٢، والبخاري ١/ ٣ (٣) و ٩/ ٣٧ (٦٩٨٢)، ومسلم ١/ ٩٧ (١٦٠) (٢٥٢) و ١/ ٩٨ (١٦٠) (٢٥٣)، وغيرهم.
(٦) انظر: فتح الباري ١/ ٢٣، والديباج، للسيوطي ١/ ١٤١.

<<  <   >  >>