للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يحدِّثون بهذا الحَدِيْث بَعْدَ فترة من الزمن يَكُون الاختلاف بينهم بحسب مقدار حفظهم وتيقظهم وتثبتهم.

عَلَى أن أحد الرواة الثِّقات لَوْ زاد زيادة لَمْ تكن عِنْدَ البقية فإن ذَلِكَ لا يَقْدَح بصدقه وعدالته وضبطه، قَالَ الحافظ ابن حجر: ((إن الواحد الثِّقَة إذا كَانَ في مجلس جَمَاعَة، ثُمَّ ذكر عن ذَلِكَ المجلس شيئاً لا يمكن غفلتهم عَنْهُ، وَلَمْ يذكره غيره، إن ذَلِكَ لا يَقْدَح في صدقه)) (١).

إلاّ إذا كثر ذَلِكَ مِنْهُ فإنه مجال بحث ونظر عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ، فمن أكثر من ذَلِكَ فَهُوَ مكثر من المخالفة، وكثرة المخالفة منافية للضبط، إذ إن الضَّبْط يعرف بموافقة الرَّاوِي للثقات الضابطين (٢). ومن ذَلِكَ مَا نقل عن الإمام أحمد بن حَنْبَل في ترجمة حجاج بن أرطاة، فَقَدْ قَالَ أبو طالب عن أحمد بن حَنْبَل: كَانَ من الحفاظ. قِيلَ: فَلِمَ لَيْسَ هُوَ عِنْدَ الناس بذاك؟ قَالَ: لأن في حديثه زيادة عَلَى حَدِيث الناس، لَيْسَ يكاد لَهُ حديثٌ إلا فِيهِ زيادة (٣).

ثُمَّ إن مَعْرِفَة الزيادات تَكُون بجمع الطرق والأبواب (٤) والزيادات الَّتِي هِيَ مجال نظر وبحث إنما هِيَ الَّتِي تَكُون من بَعْدِ الصَّحَابَة، أما من الصَّحَابَة فهي مقبولة اتفاقاً (٥).

والزيادات في الأحاديث تَكُون من الثِّقات ومن الضعفاء، والزيادة من الضَّعِيف غَيْر مقبولة؛ لأن حديثه مردود أصلاً سَوَاء زاد أم لَمْ يزد (٦). أما الزيادة من الثِّقَة فهي مجال بحثنا هنا.

وَقَدْ قسمت الْحَدِيْث عَنْهَا في مطالب.

[المطلب الأول: تعريفها]

وزيادة الثِّقَة: هِيَ مَا يتفرد بِهِ الثِّقَة في رِوَايَة الحَدِيْث من لفظة أو جملة في السَّنَد أو المَتْن.


(١) فتح الباري ١/ ١٨.
(٢) انظر: المنهل الرَّوي:٦٣، والمقنع في علوم الحَدِيْث ١/ ٢٤٨.
(٣) تهذيب الكمال ٢/ ٥٨.
(٤) فتح الباقي ١/ ٢١١ ط العلمية، ١/ ٢٥١ طبعتنا.
(٥) فتح الباقي ١/ ٢١١ ط العلمية، ١/ ٢٥١ طبعتنا.
(٦) لأن من شروط صِحَّة الحَدِيْث العدالة والضَّبْط، والضَّعِيف إما مقدوح بعدالته أو بضبطه إلا أن بَعْض الضعفاء قَدْ يقبل حديثهم بالمتابعات والشواهد. انظر: مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث: ٧٦ ط نور الدين، ١٧٥ طبعتنا، وفتح الباقي ١/ ٢٠٦، و ١/ ٢٤٧ طبعتنا.

<<  <   >  >>