للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

((فكان إذا بايع رجلاً فأراد أن لا يقبله، قام فمشى هنية، ثُمَّ رجع إِلَيْهِ)).

كَمَا أن في بَعْض ألفاظ الْحَدِيْث من رِوَايَة ابن عمر وغيره من الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - التصريح بِمَا يخالف تأويل الحنفية لهذا الْحَدِيْث.

لهذا ولغيره، يبدو لنا رجاحة ما ذهب إِلَيْهِ الجُمْهُوْر.

المبحث السابع

مخالفة الْحَدِيْث للقواعد العامة في الفقه الإسلامي

لَمْ يشترط أحد من الأئمة المتقدمين للعمل بخبر الآحاد، أن لا يخالف القواعد العامة، وذلك لأن القواعد العامة أصالة تؤسس عَلَى استقراء نصوص الشارع الحكيم، ومن ثَمَّ تصاغ القاعدة بِمَا يتفق مَعَ مضامين النصوص.

إلا أننا وجدنا من خلال استقراء كتب الفقه أن المتأخرين من أصحاب مالك خرّجوا بَعْض المسائل عَلَى هَذَا الشرط، وكأنهم فهموا من اجتهادات الإمام مالك أنَّهُ يشترط ذَلِكَ في خبر الآحاد لصحة العمل بمضمونه.

وعلى هَذَا فخبر الآحاد إذا خالف القواعد العامة فَلاَ يعمل بِهِ عندهم، لأن القاعدة موطن اتفاق بَيْنَ الفقهاء من حَيْثُ المضمون الَّذِي يعبر عن فحوى عدد من النصوص عن الشارع، فمخالفة خبر الآحاد لها مسقط للعمل بِهِ، إذ يتضمن مخالفة تِلْكَ النصوص المتظافرة عَلَى إثبات ما تضمنته تِلْكَ القاعدة.

ويمكننا الإجابة عن هَذَا الشرط: بأن القاعدة مهما بلغت فَلاَ تعدو كونها تأسيساً عَلَى نصوص، فَلاَ يمكن رد النص بِهَا، والاحتكام حينئذٍ إِلَى النص، والتعارض لا يَكُوْن مبطلاً للقاعدة، بَلْ استثناء من مضمونها (١).

أثر ذَلِكَ في اختلاف الفقهاء

حكم من أكل أو شرب ناسياً في نهار رَمَضَان

اختلف الفقهاء فيمن أكل أو شرب ناسياً في نهار رَمَضَان، هَلْ يفسد صومه أم لا؟ عَلَى قولين:

الأول: لا يفسد صوم من أكل أو شرب ناسياً، وَهُوَ قَوْل جمهور الفقهاء، وإليه


(١) مسائل من الفقه المقارن ١/ ٢٤ و ٢٧٥، وأثر علل الْحَدِيْث: ١٩٢ - ١٩٣.

<<  <   >  >>