للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأخذ عَنْهُ عشرين حديثاً، فلقيه صاحبٌ لَهُ وَهُوَ راجع، فسأله رؤيتها، وَكَانَ ثمة ريح شديدة، فذهبت بالأوراق من يد الرجل، فصار هشيم يحدّث بِمَا علق مِنْهَا بذهنه، وَلَمْ يَكُنْ أتقن حفظها، فوهم في أشياء مِنْهَا، ضعف حديثه بسببها (١) خاصة في الزهري (٢). فهذا أمر طارئ عَلَى هشيم وَهُوَ ثقةٌ من الثقات الكبار النبلاء أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة (٣) لكنه ضُعِّفَ خاصةً في الزهري لهذا الطارئ الَّذِيْ طرأ عَلَيْهِ حَتَّى قَالَ الحافظ ابن حجر (٤): ((أما روايته عَنْ الزهري فليس في الصحيحين مِنْهَا شيءٌ)) (٥).

وكذلك يختلف حال ضبط الرَّاوِي باختلاف الأحوال والأماكن والشيوخ لعدم توفر الوسائل الَّتِيْ تمكنه من ضبط ما سمعه من بعض شيوخه، أو بسبب حدوث ضياعٍ في بعضِ ما كتبه عَنْ بعض شيوخه حَتَّى وَلَوْ كَانَ من أثبت الناس في هَذَا الشيخ خاصة.

ومما يذكر في الظروف الطارئة ما حصل لمؤمل بن إسماعيل (٦) إِذْ كَانَ قَدْ دفن كتبه، ثُمَّ حدث من حفظه فدخل الوهم والاختلاف في حديثه (٧).

ثالثاً. الاختلاط:

الاختلاط لغة: يقال خلطت الشيء بغيره خَلْطاً فاختلط، وخالطهُ مخالطةً وخِلاطاً، واختلط فلانٌ، أي: فسد عقلُهُ، والتخليط في الأمر: الإفساد فِيْهِ والمختلط من الاختلاط، واختلط عقله إذا تغير، فهو مختلط، واختلط عقله: فسد (٨).


=
الْمَعْرِفَة والتاريخ ١/ ٤٧، والجرح والتعديل ٩/ ١١٥، والتقريب (٧٣١٢).
(١) هَذِهِ القصة ساقها الْخَطِيْب في تاريخ بغداد ١٤/ ٨٧، والذهبي في الميزان ٤/ ٣٠٨، ونقلها السيوطي في تدريب الرَّاوِي ١/ ١٢٩.
(٢) لذا قَالَ الذهبي في " الميزان " ٤/ ٣٠٦: ((هُوَ ليّن في الزهري)).
(٣) تهذيب الكمال ٧/ ٤١٨.
(٤) هُوَ أحمد بن علي بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الكناني العسقلاني الأصل، المصري المولد والمنشأ، علم الأعلام، حافظ العصر، لَهُ: " فتح الباري " و" تهذيب التهذيب " و " تقريبه " وغيرها، ولد سنة (٧٧٣ هـ‍)، وتوفي سنة (٨٥٢ هـ‍). طبقات الحفاظ: ٥٥٢ (١١٩٠)، ونظم العقيان: ٤٥ و ٥١، وشذرات الذهب ٧/ ٢٧٠.
(٥) هدي الساري: ٤٤٩.
(٦) هُوَ مؤمل بن إسماعيل، أبو عَبْد الرحمان البصري، مولى آل عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، حافظ عالم يخطئ، قَالَ عَنْهُ أبو حاتم: صدوق، شديد في السنة، كثير الخطأ، توفي سنة (٢٠٦ هـ‍).
التاريخ الكبير ٨/ ٤٩، وميزان الاعتدال ٤/ ٢٢٨، وسير أعلام النبلاء ١٠/ ١١٠ و ١١١.
(٧) تهذيب الكمال ٧/ ٢٨٤، والكاشف ٢/ ٣٠٩، وسيأتي الْحَدِيْث تفصيلاً عن أحد أوهامه.
(٨) انظر: الصحاح ٣/ ١١٢٤،وأساس البلاغة:١٧٢،واللسان ٧/ ٢٩٥، وتاج العروس ١٩/ ٢٦٧ (خلط).

<<  <   >  >>