للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خالفهم جميعاً يعقوب بن عَبْد الرحمان (١) القَارّي (٢)؛ فرواه عن زيد بن أسلم، عن عطاء، مرسلاً. لَكِنْ روايته لَمْ تقاوم أمام رِوَايَة الجَمْع (٣).

إذن فالراجح في رِوَايَة هَذَا الحَدِيْث الوَصْل لكثرة العدد وشدة الحفظ. قَالَ الحافظ ابن عَبْد البر: ((والحَدِيْث مُتَّصِل مُسْنَد صَحِيْح، لا يضره تقصير من قصر بِهِ في اتصاله؛ لأن الَّذِيْنَ وصلوه حُفَّاظ مقبولةٌ زيادتهم (٤))).

وَقَالَ في مَوْضِع آخر: ((قَالَ الأثرم: سألت أحمد بن حَنْبَل عن حَدِيث أبي سعيد في السهو، أتذهب إليه؟ قَالَ: نعم، أذهب إِليهِ، قلتُ: إنهم يختلفون في إسناده، قَالَ: إِنَّمَا قصر بِهِ مَالِك، وَقَدْ أسنده عدة، مِنْهُمْ: ابن عجلان، وعبد العزيز بن أبي سلمة (٥))).

ثُمَّ إن هَذَا الحَدِيْث قَدْ تناوله الإمام العراقي الجهبذ أَبُو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ في علله (٦) وانتهى إلى ترجيح الرِّوَايَة المسندة.

أثر هَذَا الحَدِيْث في اختلاف الفُقَهَاء (مَوْضِع سجود السهو)

اختلف الفُقَهَاء في مَوْضِع سجود السهو؛ فذهب أكثر العُلَمَاء إِلَى تصحيح الرِّوَايَة الموصولة، وأخذوا بالحَدِيْث السابق، وقالوا: إن السجود كله قَبْلَ السلام، وَهُوَ قَوْل أكثر الفُقَهَاء، وإليه ذهب الشَّافِعيّ (٧)، وأحمد في رِوَايَة (٨).

وحَدِيث أبي سعيد نَص صريح عَلَى أن السجود في الزيادة قَبْلَ السلام. واحتجوا لِذلِكَ أيضاً بما رَواهُ عبدالله بن بحينة (٩)؛ قَالَ: ((صلى لَنَا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - رَكْعَتَيْنِ من بَعْض الصلوات. ثُمَّ قام فَلَمْ يجلس. فقام الناس مَعَهُ فَلَمَّا قضى صلاته، ونظرنا تسليمه كبر


(١) هُوَ يعقوب بن عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد القاري المدني، توفي سنة (١٨١ هـ‍).
الثقات ٧/ ٦٤٤، والأنساب ٤/ ٤٠٧، وتهذيب الكمال ٨/ ١٧٤ (٧٦٩٠).
(٢) عِنْدَ أبي دَاوُد (١٠٢٧).
(٣) عَلَى أن ابن عَبْد البر ذكر في التمهيد ٥/ ١٨ - ١٩ آخرين رووه مرسلاً، لَمْ أقف عَلَى رواياتهم.
(٤) التمهيد ٥/ ١٩.
(٥) التمهيد ٥/ ٢٥.
(٦) ١١/ ٢٦٠ - ٢٦٣ س (٢٢٧٤).
(٧) انظر: الأم ١/ ١٣٠، والحاوي ٢/ ٢٧٧، والمهذب ١/ ٩٩، وروضة الطالبين ١/ ٣١٥.
(٨) انظر: المغني ١/ ٦٧٤، والمحرر ١/ ٨٥، وتنقيح التحقيق ١/ ٤٦٧، وشرح الزَّرْكَشِيّ ١/ ٣٦٢.
(٩) هُوَ أَبُو مُحَمَّد الأزدي عَبْد الله بن مالك بن القشب بن بحينة، وبحينة اسم أمه، توفي آخر أيام معاوية.
أسد الغابة ٣/ ٢٥٠، وتجريد أسماء الصَّحَابَة ١/ ٣٣٢، والإصابة ٢/ ٣٦٤.

<<  <   >  >>