للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تحريم سواء كَانَ الميت والمصلين في المسجد، أو كَانَ الميت خارج المسجد والقوم داخله، أو كَانَ الميت داخل المسجد والقوم خارجه، وبه قَالَ الحنفية (١).

وَقَالَ بَعْض فقهائهم: الكراهة للتنزيه (٢).

واستثنى أبو يوسف - رَحِمَهُ اللهُ - المسجد الَّذِي بني أصلاً للصلاة عَلَى الجنائز، فَلاَ تكره الصَّلاَة فِيْهِ (٣).

ولهم رِوَايَة: أن الميت إذا كَانَ خارج المسجد لَمْ تكره، وهذا راجع لاختلافهم في تعيين علة الكراهية، هل هِيَ خوف تلويث المسجد أم أن المساجد وجدت لصلاة المكتوبات (٤)؟

فمن قَالَ بالثانية -وهم جمهور فقهاء الحنفية- أبقى الكراهة في كُلّ الأحوال، ومن جعل العلة خوف تلوث المسجد نفى الكراهة، إذا كَانَ الميت خارج المسجد، وعلى هَذَا تُخَرَّج هَذِهِ الرِّوَايَة، وإليه مال في المبسوط (٥) والمحيط، قَالَ ابن عابدين (٦): ((وَعَلَيْهِ العمل وَهُوَ المختار)) (٧). وبه قَالَ أيضاً: مالك (٨) وابن أبي ذئب (٩) والهادوية من الزيدية (١٠).

الثاني: أن الكراهة للتنزيه، ولا بأس في أن يصلي عَلَى الجنازة من في المسجد إذا كَانَ الميت خارجه بصلاة الإمام، وكذا إذا ضاق خارج المسجد بأهله، وبه قَالَ مالك في المَشْهُوْر عَنْهُ (١١).


(١) شرح فتح القدير ١/ ٤٦٣، وتبيين الحقائق ١/ ٢٤٢، ورد المحتار ٢/ ٢٢٥، والفتاوى الهندية ١/ ١٦٢.
(٢) تبيين الحقائق ١/ ٢٤٢.
(٣) شرح معاني الآثار ٢/ ٤٩٣، وانظر: حاشية ابن عابدين ١/ ٦١٩.
(٤) تبيين الحقائق ١/ ٢٤٢ - ٢٤٣، وانظر: شرح فتح القدير ١/ ٤٦٤.
(٥) المبسوط للسرخسي ٢/ ٦٨.
(٦) هُوَ الإِمَام مُحَمَّد أمين بن عمر بن عَبْد العزيز بن عابدين الدمشقي، ولد سنة (١١٩٨هـ‍)، من مصنفاته "رد المحتار عَلَى الدر المختار"و"حاشية عَلَى المطول"و"الرحيق المختوم"، توفي سنة (١٢٥٢هـ‍). الأعلام ٦/ ٤٢.
(٧) حاشية ابن عابدين ٢/ ٢٤٤ - ٢٤٥.
(٨) بداية المجتهد ١/ ١٧٦.
(٩) هُوَ الإِمَام مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب، واسم أبي ذئب: هشام ين شعبة، أبو الحارث القرشي العامري، توفي سنة (١٥٨ هـ‍)، وَقِيْلَ: (١٥٩ هـ‍).
وفيات الأعيان ٤/ ١٨٣، وسير أعلام النبلاء ٧/ ١٣٩ و ١٤٨، وتذكرة الحفاظ ١/ ١٩١.
(١٠) نيل الأوطار ٤/ ٦٨ - ٦٩.
(١١) المدونة ١/ ١٧٧، وبداية المجتهد ١/ ٢٣٤، والقوانين الفقهية: ٩٥، والشرح الصغير ١/ ٥٦٨،
=

<<  <   >  >>