للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكون الْحَدِيْث خبر واحد مخالف للقاعدة، أمر فِيْهِ نظر، وعلل هَذَا الحافظ ابن حجر فَقَالَ: ((لأنَّهُ - يعني: الْحَدِيْث المذكور - قاعدة مستقلة بالصيام فمن عارضه بالقياس عَلَى الصَّلاَة أدخل قاعدة في قاعدة، وَلَوْ فتح باب رد الأحاديث الصَّحِيْحَة بمثل هَذَا لما بقي من الْحَدِيْث إلا القليل)) (١).

وأما ثانياً: فَقَدْ ورد التصريح بتعيين رَمَضَان في بَعْض طرق الْحَدِيْث، فأخرج ابن خزيمة (٢)، ومن طريقه ابن حبان (٣)، وأخرجه الطبراني (٤)،

والدارقطني (٥)، والحاكم (٦)، ومن طريقه البيهقي (٧)، كلهم من طريق مُحَمَّد

ابن عَبْد الله الأنصاري، عن مُحَمَّد بن عَمْرو (٨)، عن أبي سلمة بن عَبْد الرَّحْمَان،

عن أبي هُرَيْرَةَ، مرفوعاً: ((من أفطر في شهر رَمَضَان ناسياً، فَلاَ قضاء عَلَيْهِ ولا كفارة)) (٩).

وأما ثالثاً: فإن قوله - صلى الله عليه وسلم - في نهاية الْحَدِيْث: ((فإنما أطعمه الله وسقاه))، دليل عَلَى صحة صومه، فَهُوَ مشعر بأن الفعل الصادر مِنْهُ غَيْر مضاف إِلَيْهِ، والحكم بكونه مفطراً يحتاج إِلَى إضافته إِلَيْهِ (١٠).

لذا قَالَ الخطابي (١١): ((معناه أن النسيان ضرورة، والأفعال الضرورية غَيْر مضافة

في الحكم إِلَى فاعلها وغير مؤاخذ بِهَا، والقياس مطرد إلا أن يكثر النسيان، فإنه إذا تتابع أخرج العبادة عن حد القربة، وردها إِلَى حد العدم)) (١٢).


(١) فتح الباري ٤/ ١٥٧.
(٢) في صحيحه (١٩٩٠).
(٣) في صحيحه (٣٥٢١).
(٤) في الأوسط (٥٣٤٨) ط الطحان.
(٥) في سننه ٢/ ١٧٨.
(٦) في مستدركه ١/ ٤٣٠ وَقَالَ: ((صَحِيْح عَلَى شرط مُسْلِم)).
(٧) في سننه ٤/ ٢٢٩.
(٨) هُوَ أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عَمْرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني: صدوق لَهُ أوهام، توفي سنة (١٤٥ هـ‍)، وَقِيْلَ: (١٤٤ هـ‍).
التاريخ الكبير ١/ ١٩١ - ١٩٢، وتهذيب الكمال ٦/ ٤٥٩ و ٤٦٠ (٦١٠٤)، والتقريب (٦١٨٨).
(٩) انظر: نصب الراية ٢/ ٤٤٥ - ٤٤٦، وفتح الباري ٤/ ١٥٧.
(١٠) إحكام الأحكام ٢/ ٢١٢، وفتح الباري ٤/ ١٥٦.
(١١) الإِمَام الحَافِظ أبو سليمان، حمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، صاحب التصانيف مِنْهَا " معالم السنن " و " الغنية عن الكلام وأهله "، توفي سنة (٣٨٨ هـ‍).
الأنساب ١/ ٣٦٤، وسير أعلام النبلاء ١٧/ ٢٣ و ٢٧، ومرآة الجنان ٢/ ٣٢٧ - ٣٢٨.
(١٢) شرح الكرماني عَلَى صَحِيْح البُخَارِيّ ٩/ ١٠٦.

<<  <   >  >>