للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وحجة أصحاب هذا القول هو حديث أبي بردة الذي سبق تفصيله وهو حديث صحيح، ولم يقدح فيه إعلال الأصيلي وابن المنذر (١)، وقد أجاب عن الحديث وأظهر صحته الرافعي (٢) وابن حجر (٣).

وقد زعم بعض الشافعية: بأن الحديث منسوخ بإجْماع الصحابة على خلاف الْحَدِيْث (٤). وقد أجاب عن ذلك ابن دقيق العيد، فقال: ((وهذا ضعيف جداً، لأنه يتعذر عليه إثبات إجماع الصحابة على العمل بِخلافه، وفعل بعضهم أو فتواه لا يدل على النسخ)) (٥).

القول الثاني: لا يبلغ به الحد.

وفي تحديد المقصود من "لا يبلغ به الحد"، مذاهب:

المذهب الأول: أن لا يبلغ بالتعزير أدنى حد مشروع، فعلى هذا لا ينبغي أن يزاد الحد على تسعة وثلاثين سوطاً؛ لأن حد العبد في الخمر والقذف أربعون سوطاً. وإلى هَذَا ذهب أبو حَنِيْفَةَ (٦).

المذهب الثاني: يجب أن ينقص الجلد عن أقل حدود المعزَّر فلا يزاد العبد على تسعة عشر سوطاً، وللحر أن لا يزاد على تسعة وثلاثين سوطاً. وهذا هو المعتبر عند الشافعية (٧).

المذهب الثالث: أدنى حد مشروع بالنسبة للحرِّ هو ثمانون سوطاً، فلا يبلغ بالتعزير هذا المقدار، وله أن يبلغ به تسعة وسبعين سوطاً.

وبه قال القاضي أبو يوسف (٨) في رواية النوادر عنه، وزفر (٩)، وحجته: أن اعتبار


(١) فتح الباري ١٢/ ١٧٧.
(٢) الإمام شيخ الشافعية، أَبُو القاسم عَبْد الكريم بن مُحَمَّد بن عَبْد الكريم الرافعي القزويني، صاحب التصانيف مِنْهَا: " الفتح العزيز في شرح الوجيز " و " شرح مسند الشَّافِعِيّ "، توفي سنة (٦٢٣ هـ‍).
تهذيب الأسماء واللغات ٢/ ٢٦٤، وسير أعلام النبلاء ٢٢/ ٢٥٢ و ٢٥٤، ومرآة الجنان ٤/ ٤٥.
(٣) فتح الباري ١٢/ ١٧٧، ونيل الأوطار ٧/ ١٥٠.
(٤) إحكام الأحكام لابن دقيق ٢/ ٢٥١ ط عالم الكتب، و ٤/ ١٣٧ ط العلمية، وروضة الطالبين ١٠/ ١٧٥، ونيل الأوطار ٧/ ١٥٠.
(٥) إحكام الأحكام ٢/ ٢٥١ ط عالم الكتب، و ٤/ ١٣٧ ط العلمية.
(٦) بدائع الصنائع ٧/ ٦٤.
(٧) المهذب ٢/ ٢٨٩، وحلية العلماء ٨/ ١٠١، ونهاية المحتاج ٨/ ١٨ فما بعدها.
(٨) بدائع الصنائع ٧/ ٦٤، والمحلى ١١/ ٤٠١، والهداية ٢/ ١١٧.
(٩) انظر: الهداية ٢/ ١١٧.

<<  <   >  >>