كتاب أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء

أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء - المسألة الثانية: إيجاب صدقة الفطر على الفقير والغني - ص: 291

أخرى: ((إنها واجبة على المحتاج أيضاً))، وفي رواية: ((إن من له أخذ زكاة الفطر فهي لا تجب عليه))، وفي رواية مشهورة عنه: ((إن زكاة الفطر واجبة على الفقير الذي يفضل عن قوته، وقوت من يمونه صاعٌ كوجوبها على الغني)) (١).

وذهب الشافعي إلى أنه من كان عنده فضل عن قوته وقوت من يمونه، وما يوفي

به زكاته أداها عنه وعنهم، وإن لم يَكُنْ عنده إلا ما يؤدي عن بعضهم أداها عن

بعضهم، وإن لم يكن عنده سوى مؤونته ومؤونتهم في يومه فليس عليه ولا على من يمونه زكاة (٢).

وذهب إلى ذلك علي، وأبو هريرة، وعطاء، وابن سيرين (٣)، وأبو سليمان (٤)، وهي إحدى الروايات عن مالك كما تقدم.

وذهب الإمام أحمد إلى أن زكاة الفطر واجبة على كل من تلزمه مؤونة نفسه إذا فضل عنده عن قوته، وقوت عياله يوم العيد، وليلته صاعاً من أي صنف تجوز الزكاة منه، فإن لم يفضل عنده إلا أقل من صاع فيؤديه في إحدى الروايتين عنه، وفي الرواية الأخرى لا تجب عليه زكاة الفطر (٥).

وذهب عبيد الله بن الحسن إلى أن من أصاب فضلاً عن غدائه وعشائه فعليه أن يأخذ ويعطي صدقة الفطر (٦).

وهنا يأتي دور حديث ابن أبي صعير السابق الذكر والتفصيل؛ فَهُوَ حجة لِمَنْ أوجب الصدقة عَلَى الفقير؛ قال ابن قدامة: ((ولنا ما روي عن ثعلبة بن أبي صعير، عن أبيه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أدوا صدقة الفطر ...)) (٧).

---

(١) انظر: المدونة الكبرى ١/ ٣٤٩، والتمهيد ١٤/ ٣٢٨، والاستذكار ٣/ ١٥١، والمنتقى ٢/ ١٨٦، وبداية المجتهد ١/ ٢٠٤، والقوانين الفقهية: ١١٠، وحاشية الرهوني ٢/ ٣٣٣، وشرح منح الجليل ١/ ٣٨١، وأسهل المدارك ١/ ٤٠٧.
(٢) انظر: الأم ٢/ ٦٤ - ٦٥، ومختصر المزني المطبوع مع الأم ٨/ ٥٤، والحاوي الكبير ٤/ ٤٠٩ - ٤١٠، والتهذيب ٣/ ١٢٤، والمجموع في شرح المهذب ٦/ ١١٢ - ١١٣، وروضة الطالبين ٢/ ٢٩٩، وكفاية الأخيار ١/ ٣٧٠ - ٣٧١، ونهاية المحتاج ٣/ ١١٤ - ١١٥.
(٣) الحاوي الكبير ٤/ ٤٠٦.
(٤) المحلى ٦/ ١٤١.
(٥) انظر: المقنع: ٥٨، والهداية، للكلواذاني لوحة: ٧٠، والهادي: ٤٨، والمغني ٢/ ٦٧٩ - ٦٨٢، والمحرر ١/ ٢٢٦، والشرح الكبير ٢/ ٦٤٦ و ٦٥٠، وشرح الزركشي ١/ ٦٧٤ - ٦٧٦.
(٦) الاستذكار ٣/ ١٥١.
(٧) المغني ٢/ ٦٧٩.