للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هُرَيْرَة، بِهِ (١). كرواية الأكثرين.

الثاني:

أنه أخطأ في متن الْحَدِيْث فرواه بلفظ: ((من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها، فَقَدْ أدرك الصلاة)).

ولفظ الْحَدِيْث في رِوَايَة الجمع: ((من أدرك ركعة من الصلاة فَقَدْ أدرك الصَّلاَة)) أو نحوه لا ذكر في شيء من ألفاظه للجمعة، فتبين أنها من وهم بقية، يؤيده:

١ - كَانَ مذهب الزهري حمل هَذَا الْحَدِيْث المطلق عَلَى صلاة الجمعة، فيرى أنّ من أدرك من الجمعة ركعة فَقَدْ أدركها، ورواه عَنْهُ البخاري في القراءة خلف الإمام (٢) بلفظ: ((ونرى لما بلغنا عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أنه من أدرك من الجمعة ركعة واحدة فَقَدْ أدرك)).

٢ - ومما يدل عَلَى أنّ لا ذكر للفظ الجمعة في حَدِيْث الزهري هَذَا، أن البيهقي بَعْدَ أن رَوَى الْحَدِيْث من طريق معمر عن الزهري، نقل قَوْل الزهري عقبه: ((والجمعة من الصلاة)). وعقَّب عَلَيْهِ فَقَالَ: ((هَذَا هُوَ الصَّحِيْح، وَهُوَ رِوَايَة الجماعة عن الزهري، وفي رِوَايَة معمر دلالة عَلَى أنّ لفظ الْحَدِيْث في الصلاة مطلق، وأنها بعمومها تتناول الجمعة كَمَا تتناول غيرها من الصلوات)) (٣).

ومن هَذَا يتبين وهم بقية إسناداً ومتناً، وَقَدْ نص عَلَى هَذَا الإمام أبو حاتم الرازي، إِذْ سأله ابنه فَقَالَ: ((سألت أبي عن حَدِيْث رَوَاهُ بقية، عن يونس بن يزيد، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر (٤)، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((من أدرك ركعة من الجمعة وغيرها فَقَدْ أدرك الصلاة. فسمعت أبي يقول: هَذَا خطأ إنما هُوَ الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هُرَيْرَة، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -)) (٥).

وَقَالَ الحافظ ابن حجر: ((إن سَلِمَ من وهم بقية، ففيه تدليسه التسوية؛ لأنه عنعن


(١) أخرجه ابن حبان (١٤٨٣)، وفي طبعة الرسالة (١٤٨٦).
(٢) (٢١٤).
(٣) السنن الكبرى ٣/ ٢٠٣.
(٤) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل عَبْد الله بن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب بن نفيل القرشي المكي ثُمَّ المدني، أسلم صغيراً، وهاجر مع أبيه وَلَمْ يبلغ الحلم، توفي سنة (٧٤ هـ‍). معجم الصَّحَابَة، لابن قانع ٨/ ٢٩٩٢ (٥٢١)، وأسد الغابة ٣/ ٣٣٧، والإصابة ٢/ ١٣٤٧.
(٥) علل الْحَدِيْث ١/ ٢١٠ (٦٠٧).

<<  <   >  >>