للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأول ما يجب للناظر فى كلام العرب بعد إحكام قياس حركات الإعراب أن يحكم تثقيف الأفعال، لما يدخلها من القياس بالتصرف، ليتصل له قياس التصرف فى الأفعال بقياس تصرف الإعراب فى الأسماء. وأيضا فإن أكثر الكلام مشتق منها (١)، وأكثر ما تسأل (٢) الطلبة، والقراء، والفقهاء (٣) فعن التصريف والاشتقاق فى القرآن والسنة وكلام العرب.

وإنى تأملت ما ألفه فى ذلك من عنى بلغات العرب [من العلماء المتقدمين] (٤) كالزجاج (٥)، وأبى حاتم (٦)، وقطرب (٧)، وغيرهم من أهل العناية والعلم، فرأيت تواليفهم فى الأفعال غير موعبة (٨)، ولا مقتضية لإتقان ما قصدوه بزعمهم حتى تلافأ (٩) ذلك، وتولاه: محمد بن عمر بن القوطية (١٠) - رحمه الله - فألف فى الأفعال كتابا حاز به قصب السبق، واستولى به على أمد الغاية، لم يتقدمه إلى مثله فى هذا الفن أحد من العلماء الماضين.


(١) يوافق أبو عثمان فى هذا - شأن أستاذه - الكوفيين. الذين يقولون: إن الأفعال أصل المشتقات، والبصريون يقولون: الأسماء أصل، والأفعال مشتقة منها، ولكل من الفريقين حججه التى تكفلت بتوضيحها الكتب المطولة.
(٢) ب «يسأل بياء فى أول الفعل: والحرفان جائزان.
(٣) أ «والطلبة»، ولفظة ب أدق دفعا للتكرار.
(٤) ما بين المعقوفين تكملة من ب.
(٥) الزجاج: أبو إسحاق إبراهيم بن السرى عالم بالنحو واللغة أخذ عن المبرد وتوفى حوالى سنة ٣١٦ هـ، له ترجمة فى: معجم الأدباء ١ - ١٣٩، وفيات الأعيان ١ - ٣١، بغية الوعاة ١٧٨.
(٦) السجستانى: أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد الجشمى، السجستانى، النحوى، نزيل البصرة وعالمها، توفى سنة ثمان وأربعين ومائتين «وفيات الأعيان ٢ - ١٥٥.
(٧) قطرب: أبو على محمد بن المستنير بن أحمد، وقطرب: دويبة ليلية. كان يبكر عند «سيبويه» فقال له: أنت قطرب ليل، فعرف بذلك. توفى سنة ٢٠٦ هـ له ترجمة، فى الفهرست ٨٤، وفيات الأعيان ٣ - ٤٣٩.
(٨) أ «موعية» بياء مثناة تحتية من أوعى، وما جاء عن ب أولى، لأنه يريد بيان عدم استقصاء كتب المتقدمين.
(٩) «تلافأ» لفظة ب ومكانها غير واضح فى أ، ولفأ تأتى بمعنى أعطاه أقل من حقه، وأعطاه أكثر من حقة، كما تفيد معنى استدراك شئ فات.
(١٠) به تعريف واف فى المقدمة ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>